تعكس الثقافة مدى التقدم الحضاري والعمراني لأمة ما، والفنون التي تحتويها المراكز الثقافية ما هي إلا
بلورة الازدهار العلمي والاقتصادي للدول، فيقاس رقي الأمم وتقدمها بمقاييس الفنون عامة من شعر ورسم
ونحت ومسرح وسينما، لأن هذه الفنون هي ليست انعكاسات شخصية فردية فقط، إنما نتاج جمعي لحصيلة نتاج الدول.
الفعاليات الثقافية الرسمية شمال سوريا:
إطلالات خجولة بأنشطة فردية أو لمجموعة ناشطين، وقد ترقى لأنشطة موسمية لهيئة غير مختصة إنما عمل
الثقافي رديف، فكان لبعض المجلات التي صدرت شمال سوريا بعد الحرب بعض الإسهامات المقتضبة،
واقتصر دور الجامعات على بعض المسابقات الشعرية والقصصية ولكن دون المستوى المطلوب منها.
أما المراكز الثقافية العربية لم تقدم ولا حتى بوادر لتكون ركيزة أو درجة نحو واقع ثقافي أفضل، أنشطة شبه
معدومة، وكغيرها كانت مبادرات فردية لناشطين، في حين تحتاج الثقافة لعمل مؤسساتي منظم، وعملت
الفرق الثقافية المتطوعة كبديل عنها، بيد أن هذه الفرق افتقرت للدعم المالي لحمل هذه الأعباء الكبيرة،
وفي هذا المجال يقول الشاعر والإعلامي “صهيب الخلف”:
الفارق بين العمل الرسمي و غير الرسمي وجود هامش حرية أكبر في الأخير، ليست هناك ثقة عندنا كمثقفين
تجاه الجهات الرسمية بسبب سيطرة الفصائل المسلحة على كل مفاصل الحياة.
وإذا كانت الجهات الرسمية جادّة في خلق حركة ثقافية حقيقية فعليها أن تترك الأمر لأهله وتقف بعيدًا
ولا تتدخل في فرض شخصيات تابعة لها.
فريق صُبح الثقافي:
مجموعة من الناشطين في مجالات الفنون المتعددة، بين رسم ونحت وشعر وقصة وفي المجال السياسي،
أسسوا الفريق ربيع 2021، بمجهود أفراده رغم العقبات، تقول”ولاء جرود” العضوة في الفريق وهي شاعرة
وصيدلانية من مدينة سراقب تقيم في إعزاز، على مدار عام ونصف من العمل الجاد، لفريق يتكون مما يقارب
أربعين متطوعًا ناشطين في المجال الثقافي، استطعنا إقامة مجموعة من الندوات الحوارية، والأمسيات
الشعرية والقصصية، إضافة لفريق المسرح.
افتتاح مركز مركز “صُبح” الثقافي
بعد عشرين شهرًا من تنقل الفريق بين منازل ناشطيه، لإقامة الاجتماعات الدورية، وصالات إعزاز استطاع
الفريق تأمين دعم جزئي لافتتاح مركز ثقافي، الدعم المنقوص اقتصر فقط على استئجار صالة ومكتب لتكون مركز صبح الثقافي.
افتتح يوم أمس في مدينة إعزاز المركز، بحضور رسمي من هيئات ومنظمات عاملة في الشمال ومجموعة
شعراء حضرت قصائدهم في الافتتاح وناشطو فريق صبح وحضور رسمي عن نقابة المعليمن ومنظمات
وهيئات وفرق تطوعية فاعلة في شمال حلب، إضافة لمجموعة من الناشطين.
حضور ثقافي واسع:
وكما حضر حفل الافتتاح كوكبة من شعراء الشمال السوري، مثل عبد الرحمن الإبراهيم وهو من أبرز شعراء
سوريا المعاصرين عضو سابق في اتحاد الكتاب العرب قبل انشقاقه عن الاتحاد مطلع ثورة الحرية وانضمامه
لصفوف المحتجين في سوريا ضد النظام المجرم كما وصفه، له أكثر من عشرة دواوين مطبوعة وحائز على
الكثير من الجوائز داخل سوريا وفي الوطن العربي.
وعن هذا الحدث يقول الشاعر الإبراهيم، لم تكن الحركة الثقافية في سوريا أيام النظام بأفضل مما هي عليه الآن،
فكان نظام البعث يحاول دائمًا تسليط الضوء على أنصاف الأدباء والفنانين وهم برتبة مخبرين، في الثورة ظهرت
أسماء جديدة نشجع المواهب الشابة منها، وهناك أسماء منها أعتقد سيكون لها دور أدبي كبير في المستقبل.
أما عن الفرق التطوعية العاملة في المجال الثقافي، فقدمت ما لم تستطع تقديمه الهيئات الرسمية، ونثني على
عملها الدؤوب رغم غياب الدعم عنها، فريق بدماء شباب متحمسة وغيورة على تقديم الفن والجمال في ظل ما نشهده من أحداث.
وكما تواجد الشعراء خالد سامح ومحمود حاج مصطفى، محمد أيهم سليمان، صهيب الخلف، أحمد عبد الحميد،
منتصر اليونس، ألقوا قصائدهم في الثورة والوطن والوجدانيات.
رؤية وأهداف المركز
يسعى مركز صبح الثقافي ليكون منبر فني عامة وتمكين الشباب منهم خاصة، فتقول الشاعرة ولاء جرود،
إحياء الحالة الثقافية وتقديم جيل الشباب من المبدعين للمتلقي، وكما للمركز هدف ترفيهي بتعبير الناس عن مكنوناتهم في ظل الحرب.
وأردف “حسام قطيني” وهو مدير المركز:
الفريق ثقافي لبناء قدرات الشباب، نعمل على توظيف قدرات الشباب في بناء المجتمع. ويحوي المركز على
مكتبة عامة للقراء والطلاب، وسيكون المركز مكانا لتدريب الفريق وتمكينهم إضافة لاستقطاب شعراء وادباء
ومحاضرين لإقامة ندوات ومحاضرات ومناظرات، وكما سيعلن المركز قريبا عن دورات في مجالات كثيرة،
يشرف عليها مختصون، ككتابة السيناريو، وعلم موسيقا الشعر والعروض، وورشات في العمل القصصي والفنون التشكيلية واليدوية.