تتميز حلب الشهباء عاصمة سوريا الاقتصادية بآثارها و قلعتها الصامدة و صناعاتها العريقة قبل أن تشوه الحرب معالمها و تدمر حضارتها و مصانعها، و تشرد سكانها الذين عرفوا بكرمهم و حسن ضيافتهم.
خسر النظام في معركة حلب أكبر مدنه و مورد اقتصاده بعد سيطرة الثوار على العديد من أحيائها و قراها من جهة وكذلك سيطرة تنظيم الدولة المتمركز في الريف الشرقي والشمالي الشرقي من جهة أخرى، لتبدأ معها رحلة معاناة الأهالي مابين انتقام النظام ببراميله المتفجرة و قصف قوات التحالف لمناطق تواجد تنظيم الدولة بالإضافة للقذائف التي تنهال من قبل فصائل الثوار على مناطق سيطرة النظام.
صنفت حلب خلال الفترة الماضية من المدن المنكوبة و غير الآمنة التي لا تصلح للسكن، فمنذ بداية الأحداث فيها عام 2013 شردت آلاف العائلات من بيوتها و كثرت ظاهرة النزوح بحثا عن مأوى يشعرهم و لو بشيء بسيط من الأمان.
و بحسب إحصائية قام بها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فقد سجلت حلب أعلى نسبة من النازحين و التي بلغت حوالي مليوني نازح في الداخل السوري. في خيام مرقعة مصنوعة من الخرق البالية يقطن آلاف النازحين السوريين في ريف حلب ليعيشوا حياة من المآسي و المعاناة في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات المعيشة، حيث بلغ عدد المخيمات 82 مخيما متوزعة في ريف حلب كمخيم الأتارب والأبزمو وأورم الكبرى والصغرى و راعة وغيرها، بالإضافة للمخيمات الموجودة على طول الحدود السورية التركية.
في أرض صخرية ومنطقة نائية أنشئ مخيم ” راعة ” في آخر الحدود الإدارية لمحافظة حلب المتاخمة لحدود ريف ادلب الشمالي، حيث يعاني ساكنوه من نقص حاد في متطلبات المعيشة، أبو خالد أحد سكان المخيم يقول:” اضطررت للنزوح مع عائلتي بعد اشتداد القصف الروسي على قرى ريف حلب الشرقي، لكن حياة المعاناة لم تفارقنا و نواجه نقصا في عدد الخيام إذ يطقن في الخيمة الواحدة 4 عائلات”.
و يضيف أبو خالد :” مضى على الخيام أكثر من ثلاث سنوات و من شدة حرارة الشمس في الصيف و أمطار الشتاء أصبحت خرقا بالية نضطر لترقيعها بقطع من ملابسنا كي نستر أنفسنا، و ما من أحد يشعر بأوجاعنا “.
يأتي الشتاء بثلوجه و أمطاره ليزيد من حدة معاناتهم فالبرد يفتك بأجسادهم وخيامهم تحولت لمستنقعات، بالإضافة لعدم وجود مدرسة تضمن للأطفال استمرار تعليمهم الذي أضحى آخر اهتماماتهم وسط الهموم المتراكمة التي أثقلت كاهلهم، فضلا عن سوء الرعاية الصحية و انعدام الكهرباء.
و نظرا لعدم فاعلية الخيام القماشية و تأثرها بالعوامل المناخية قامت منظمات إنسانية برعاية الهلال القطري بمشروع بناء خيام طينية في ريفي حلب و ادلب تقاوم البرد والرياح و تضمن الخصوصية، وقامت منظمة “بناء” بإتمام بناء 25 وحدة سكنية في ريف ادلب في مخيم ” أفس” و يستوعب 100 عائلة و في كل وحدة 4 شقق مزودة بالكهرباء و خزان للمياه و شبكة للصرف الصحي.
و هناك وعود من الهلال القطري ببناء 1500 وحدة سكنية في ريف حلب و ادلب في القريب العاجل علها تضمن لهم نوعا جزءا من الاستقرار الذي بات مستحيلا في وطننا سوريا، فهل ستكون تلك المخيمات مأوى دائما لهم أم أنها ستكون نقطة استهداف من قبل طائرات النظام و نظيراتها الروسية ليعيش السوريون في حركة نزوح دائمة؟!.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد