أغطية قماشية بألوان مختلفة، تحكي قصة وعذابات أهلها من مناطقهم المختلفة، تعاقبت عليهم فصول السنة من حرها إلى بردها، قماش الخيمة لم يمنع الحر في الصيف ولا برد الشتاء.
” زهراء ” .. الفتاة الصغيرة و التي كلما لمحتني تنادي أمها وتصيح ” يا أمي لقد أتت إلينا صديقتي”، والتي لطالما كانت تزين عدسة الكاميرا، وكلما وجدتها التقطت لها مزيداً من الصور وصور السيلفي.
كلما سمعت صوت طائرة في السماء ترتعد فرائصها وتخاف، وتقول لي انظري إلى الطائرة هذه التي دمرت منزلنا وقتلت أطفال رفاق لي في الحي قبل نزوحنا من مناطق سكننا،
أحاول أن أهدّأ من روعها، ” مهلاً عليك يا صغيرتي، نحن هنا في أمان، و أي أمان، لم نشعر بالأمان منذ خرجنا من قريتنا”.
شعور غريب وخوف من كلماتها التي لا تحمل سوى ألفاظ الخوف و الحزن، تمالكت نفسي و قلت لها : ستعودين للمدرسة قريباً، تنهدت زهراء وأخذت نفساً عميقاً وابتسمت، و قالت ” إن شاء الله يتحقق حلمي بالعودة إلى مقاعد دراستي.
لحظات قليلة لم نكد نفرغ من حديثنا، حتى بدأت القنابل تتساقط من طائرة حربية على مكان قريب من المخيم، كان صوتها قوياً، التفتت يميناً وشمالاً و لم أجد زهراء الصغيرة، نظرت إلى زاوية أخرى قريبة.
إنها زهراء ركضت فزعة باتجاه أخوها ” أحمد” والتجأت إليه وضمته خوفاً من صوت الطائرة، و من انفجار القنابل، بقيت زهراء ساكنة دون حراك، ولكنها كانت صامدة تمالكت نفسها وبقيت واقفة.
تعالت صرخات النساء والأطفال في المخيم، وارتفعت أصوات الاستغاثة، ولا مغيث إلا الله، وما هي إلا لحظات حتى عادت الحياة إلى طبيعتها، وكأن شيء لم يكن، مشهد يشبه الحلم، بين الأمل والخوف تعيش آلاف العائلات في الشمال السوري، قليل من الأمل وكثير من البؤس والشقاء، بؤس من السكن في المخيمات وجمال لقاطنيها.
سهير إسماعيل
المركز الصحفي السوري