أجمع محللون سياسيون أردنيون، أن “الانسحاب الروسي من سوريا تم بناءً على صفقة مفترضة (غير معلنة)، بين موسكو وواشنطن، على قاعدة (لا غالب ولا مغلوب)”.
و”اتفق الطرفان على التخلي عن حلفائهما، ووقف حروب الوكالة بينهما في سوريا، ووقف الدعم للقوى المتصارعة (كل حسب حلفه)، وإحالة مفاتيح النزاع إلى دول المنطقة، لتقلع شوكها بيديها، وهو ما ينذر بحروب أهلية قد تمتد إلى سنين طوال، فضلًا عن اشتعال نزاعات طائفية بين العرب وإيران”، بحسب المحللين.
ويروا، أن “ما دفع القوتين العظمتين اللتين كانتا تتصارعان في سوريا، إلى إنجاز هذه التسوية، هو المنحى الخطير الذي بدأ ينحوه الصراع، بما بات يشكل تهديدًا المصالح الأمريكية والروسية في المنطقة، ويزيد من احتمالات الانجرار نحو حرب عالمية”.
وكانت موسكو أعلنت صباح أمس الثلاثاء، أنها بدأت عمليًا، تنفيذ قرارها بشأن سحب قواتها من سوريا، بعد ساعات من القرار المفاجئ، يرى مراقبون أنه لا يخدم النظام السوري في حال من الأحوال.
ويدلل الكاتب والمحلل السياسي جهاد أبو بيدر، على فرضية انعقاد صفقة بين واشنطن وموسكو، تقضي بتخلي الدولتين عن دعم أطراف الأجندات الإقليمية المتصارعة في سوريا بقوله، إن “اتهام الرئيس الأمريكي باراك أوباما السعودية مؤخرًا، بإشعال الحروب الطائفية، يحمل موقفًا ضمنيًا بتوقف واشنطن عن دعم الرياض، في صراعها مع إيران، وتداعيات صراعها على الساحة السورية، ووقف الدعم لباقي أطراف النزاع المحسوبين على المحور الأمريكي، ثم جاء رد موسكو عمليًا بالتخلي عن نظام الأسد وسحب القوات الروسية من سوريا”.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال في تصريحات له نقلتها صحيفة (ذا أتلانتيك) قبل أيام من إعلان روسيا الانسحاب من سوريا، إن “على المملكة العربية السعودية وإيران والسنة والشيعة بشكل عام إيجاد طريقة للتعايش والتوصل لعلاقات حسن الجوار”.
ونقل أبو بيدر، في حديثه للأناضول، عن مصدر حكومي رفيع، أبلغه بشكل شخصي، وجود مخاوف رسمية من أن يكون رفع اليد الأمريكية والروسية عن المنطقة بعد إشعالها، وإذكاء الفتن والاضطرابات فيها على النحو الماثل أمامنا اليوم، مقدمة لاشتعال حروب أهلية، ومعارك استنزاف بين العرب وإيران، وصراعات طائفية قد تمتد إلى عشرات السنيين.
الكاتب الصحفي خالد فخيدة، حذر بدوره من انجرار أي قوى عربية أو إقليمية لإشغال الفراغ الذي تركه الجانب الروسي في سوريا، قائلًا للأناضول، إن “استبدال قوى إقليمية بالقوى الدولية التي كانت تتصارع في سوريا، لن يحدث شيئًا سوى نزع الصفة العالمية عن الأزمة، وإلغاء مبدأ التدويل، لإحلال حروب أهلية وطائفية قد تعود على المنطقة بويلات مضاعفة.
ولم يستبعد فخيدة وجود صفقة أمريكية روسية تقضي برفع اليد عن المنطقة والتخلي عن الحلفاء، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
بدوره اعتبر المحلل السياسي عامر السبايلة في حديث للأناضول، أن “القرار الروسي بالانسحاب من سوريا ليس مفاجئًا، مشيرًا أن “مسارات الأمور كانت تشير أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة السورية، وهو ما أسس له الاتفاق الكيماوي الذي انطلقت من خلاله مرحلة التفاهمات الأمريكية الروسية، لتصبح اليوم موسكو وواشنطن أقرب لبعضهم من قربهما لحلفائهما”.
ومضى السبايلة “هذا ما أنجز استصدار قرارات مهمة في إطار الحل السياسي في سوريا، عبر ضرورة الحل السياسي في القرار 2254 وإعطائهم صفة دولية من خلال مجلس الأمن”.
واتفق محمد الشرعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، مع السبايلة، حيث أكد أن “ما حدث من انسحاب روسي من سوريا يأتي في سياق التفاهمات مع واشنطن، لإعطاء دفعة لمحادثات السلام والقبول بالشروط الأمريكية الروسية التي تم إعدادها مسبقًا من قبل موسكو بشكل أكبر”.
وفي حديثه للأناضول، وصف الشرعة انسحاب روسيا بالتكتيكي، لكسب ثقة المنطقة، في حين أن الدور سيبقى مستمرًا من خلال تدخلاتها وإملاءاتها حول كيفية انتقال السلطة في سوريا.
الأناضول