“ياسمين” شابّة في الـ22 من عمرها من مدينة تدمر، تبدأ حديثها بحزن وألم قائلة “أمضيت سنوات عمري في حسرة عندما زوّجني والداي لأحد معارفنا منذ 8 سنوات عندما كنت في الرابعة عشر من عمري”.
فقد أصبحت ياسمين مطلّقة بعد شهرين من زواجها، والأسوأ من ذلك أنّها لا تملك إثباتاً لزواجها وطلاقها، فلم تكن واعية لما يحدث حولها في تلك الفترة.
سردت ياسمين قصّة زواجها قائلةً: “أراد والداي تزويجي لشابٍ قيل لنا أن أخلاقه حميدة، وبأنّه سيكون معيلاً لي وسيخرجني من دائرة الفقر والحرمان من أبسط الأشياء التي قد تقدم للفتيات”.
تزوّجت به وأنا على أملٍ بأن يكون لي خير زوج، لكنني صُدمت عندما علمت أنني الزوجة الثانية له، فكانت ردة فعلي هادئة وقلت “اللهم أجرني في مصيبتي”، لعلّه يعدل بيننا ويؤمن لي حياة كريمة، لكن لم أدرك بأنني وبشهرين فقط سأعود إلى منزل مهترئ، تفوح منه رائحة العفن، منزلٌ مهدم وشبه ركام، يأوي 8 أشخاص دون معيل.
هجرني بطريقة مروّعة عندما أخرجني مطلقة من منزله ليوصلني إلا منزل أهلي الذي لطالما حمل في طياته الكثير من رائحة الموت، واليوم لا أستطيع الخروج من المنزل بسبب عدم امتلاكي لشيء، ولا أملك إلا رحمة الله في هذا الوقت، أيامٌ سوداء علقتها مع طلاقي ممن أعتبرته الملاذ الآمن الأخير لي.
أكملت ياسمين في الدّمع تلألأ في عينيها “والدي مريض ولا يحمل في جعبته ليرة واحدة لتسد رمق جوعنا، يعمل في جمع النايلون والكرتون في الليل خوفاً من أعين الناس، وفي الصباح يقوم بجمع مادة الفحم الحجري ليدفئنا فقط.
قد أكون من الكثيرات في سوريا ممن لا تستطعن مجابهة أهلهنّ بالرفض للزواج، لكن التعلق بأمل الخروج من هنا كان وشيكاً وسقط بمدة شهرين وكأنني سلعة رخيصة يتم وأدها في أي لحظة خوفاً من همنا.
أضافت ياسمين بأمل برق بين دموعها المتساقطة “أتمنى أن أعمل لأعيل من كان سبباً بالقضاء على حياتي ولأكون تلك الشمعة التي تضيء طرقات الكثير من اللواتي تتعرّضن لانتهاكات بحق الزّواج المبكر في مجتمع شرقي أبله”.
هذه قصتي التي كنت شاهدة على إجرام والدي وعائلته بتزويجي والانتقام من والدي الذي تزوج المرأة التي أحبّها وكرهتها جدتي، فانتقمت منه عن طريقي، سأسامحهم لكن في قلبي شيئاً لا يحكى، وسأكمل دراستي هذه السنة وسأختص في مجال الحقوق للدفاع عن اللواتي تتعرضن للانتهاكات بالزواج المبكر في مجتمع لا يعلم شيئاً سوا حقوق الرجل والعيوب في المرأة.
قصة خبرية بقلم: محمود المعراوي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع