هشام منوّر- السورية نت
مع نهاية الشهر الماضي، يناير/ كانون الثاني، أعلنت “الجبهة الشامية”، إحدى أكبر فصائل المعارضة السورية في الشمال، عن انضمام “حركة حزم” إليها، بعد أن تصاعدت اشتباكات الأخيرة في ريف حلب الغربي مع “جبهة النصرة”.
وأعلنت “الجبهة الشامية” عن انضمام “حركة حزم” إلى صفوفها، “على الأسس والمبادئ التي تشكلت عليها الجبهة الشامية”.
ودعت “الجبهة الشامية” في بيانها بقية الفصائل إلى حل خلافاتها مع “حركة حزم” عن طريق قيادة الجبهة نفسها ومكتبها القضائي، مشددة على ضرورة حل النزاعات “بروح من الأخوة” وتوجيه السلاح نحو النظام دون غيره.
أتى خبر الاندماج بعد أيام من تجدد القتال بين “جبهة النصرة” و”حركة حزم” في ريف حلب، حيث ذكر ناشطون أن “جبهة النصرة” هاجمت مقرات للحركة بهدف تحرير عنصرين محتجزين لديها. وسبق أن أعلنت “الجبهة الشامية” في بيان عن تشكيل قوة فصل بين الطرفين لإيقاف الاقتتال الحاصل بينهما وتحكيم الطرفين إلى الشريعة، لكن ناشطين ميدانيين أكدوا تواصل القتال.
وتشكلت “الجبهة الشامية” في 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتضم (الجبهة الإسلامية، وجيش المجاهدين، وحركة نور الدين الزنكي، وتجمع فاستقم كما أمرت، وجبهة الأصالة والتنمية).
جذور الخلاف
يعود الخلاف بين “جبهة النصرة” و”حركة حزم” إلى الاشتباكات التي اندلعت بين “جبهة النصرة” و”جبهة ثوار سورية” منتصف شهر أغسطس/ آب من العام الماضي، وانحياز “حركة حزم” إلى “جبهة ثوار سورية” في معركتها مع “جبهة النصرة” بعد أن هاجمت الأخيرة المناطق الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا بريف إدلب في كل من (حارم وسلقين وريف جسر الشغور)، “لمكافحة الفساد والتهريب”، بحسب وصفها، واعتبرت “جبهة ثوار سورية” أن المناطق التي دخلتها “النصرة” مناطق نفوذ لها.
استمرت الخلافات بين الجانبين، وتبادلا الاتهامات مراراً وتكراراً، وفي الـ27 من أكتوبر/ تشرين الأول 2014، دخل رتل عسكري تابع لـ”جبهة ثوار سورية” إلى قرية “البارة”، بهدف إلقاء القبض على عناصر منشقّة عنه ومطلوبة لمحكمته بدعوى تسليم سلاحها التابع للجبهة.
الصراعات العسكرية بين قطبي “حزم- ثوار سورية” من جهة، و”النصرة- جند الأقصى” من جهة أخرى، انتهت إلى بسط التحالف الأخير سيطرته على ريف إدلب، وطرد “جبهة ثوار سورية” من مناطق نفوذها، وعلى الرغم من الاتفاق على تحييد حلب عن الصراع الثنائي، إلا أن الأمر لم يخل من مناوشات واشتباكات متفرقة، سرعان ما تدخلت فصائل أخرى لفضها وإيقافها، بسبب خطورة الوضع الميداني في حلب، وتعاظم خطر حصار المدينة من قبل قوات نظام الأسد.
المعارضة “المعتدلة” و”الإسلامية”
ترددت “حركة حزم” في الانضمام إلى “الجبهة الشامية” التي لا ينقصها الرجال أو العتاد، واستغرق قرارها نحو ستة أشهر لاتخاذه، فالحركة المحسوبة على “المعارضة المعتدلة” وفق التصنيف الغربي والأمريكي، والتي كانت من أوائل الفصائل التي تلقت شحنات مساعدات غربية “نوعية” تمثلت في تدريب عناصرها وتسلم صواريخ “تاو” الأمريكية التي كان لها تأثير كبير في العديد من المعارك التي شاركت فيها، لا يمكنها التحالف بسهولة مع جبهة تضم فصائل مسلحة ذات توجه “إسلامي” من دون دراسة مدى تعارض نهجها وأفكارها وأسلوبها مع النهج الذي تتبناه، على الرغم من وجود جذور إسلامية لبعض مكونات “حركة حزم”.
لكن الضغط العسكري والميداني الذي تعرضت له الحركة من قبل “جبهة النصرة” وحليفها “جند الأقصى” في ريفي حلب وإدلب، وهزيمة حليفها “جبهة ثوار سورية” دفعها إلى دراسة العرض المقدم من “الجبهة الشامية”، والموافقة على هذا الانضمام الذي يعني تقارباً وطنياً- إسلامياً بين أجنحة المعارضة السورية المسلحة.
تداعيات ومآلات
انضمام “حركة حزم” إلى “الجبهة الشامية”، سيكون له تبعات، وبحسب حمزة المصطفى، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، فإن “قرار الانضمام سيكون ما قبله ليس كما بعده”، وسيفضي إلى جملة من التداعيات على مستقبل المعارضة السورية المسلحة في الشمال.
من هذه التداعيات، حماية ما تبقى من مكون المجموعات السورية المسلحة التي يغلب عليها الطابع “الوطني” كحركة حزم، والتي تتمتع بقبول ودعم غربي في سورية، بعد انخراطها في التحالف مع “الجبهة الشامية”.
كما سيكون لهذا الانضمام آثار على توقف النزاعات والاشتباكات بين المعارضة السورية المسلحة، وخاصة مع “جبهة النصرة” التي تمثل تنظيم القاعدة في سورية، وسيجعلها تتردد قبل القيام بأي عمل من شأنه استفزاز أكبر مكونات المعارضة السورية المسلحة في الشمال، ما يعني تصحيح البوصلة وإعادة توجيهها إلى قوات النظام والميليشيات الموالية له، وإزالة خطر الحصار نهائياً عن مدينة حلب.
كما يعني هذا التحالف أو الانضمام دعماً عسكرياً وسياسياً متوقعاً للجبهة الشامية، لا سيما من الأنباء المتواترة عن قرب تدريب وتسليح المعارضة السورية وتزويدها بأسلحة نوعية لمواجهة كل من قوات الأسد وما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية” على حد سواء.
يضاف إلى ذلك إمكانية تحسن أداء المعارضة السورية في معاركها مع النظام، خاصة بعد الاتفاق الذي نشر اليوم بين “الجبهة الشامية” ووحدات حماية الشعب الكردية لإدارة المناطق التي يسيطر عليها الطرفان، وعدم خوض أي نزاع بينهما، في مناطق بحلب وريفها كعفرين، ما يعني أن ما بدا وكأنه خيار “الاضطرار” من قبل “حركة حزم” قد يؤول إلى نتائج وتداعيات “جيدة” على مستقبل المعارضة السورية المسلحة في الشمال.