أفرزت الحرب السورية عددا من الأعلام والرايات المختلفة التي تدل على تعدد الجنسيات العربية والأجنبية المتنوعة التي تشارك في الصراع السوري، وأسهمت في تقسيم سوريا إلى دويلات وإمارات فأصبح كل حاجز يرفع راية تدل على القوة العسكرية أو الفصيل الذي يسيطر عليه، ومن خلال تلك الرايات يمكن للمواطن أن يميز جنسية مقاتلي الفصيل الذي يتبعون له ويسيطرون على تلك المنطقة.
و أكثر ما يميز ويشاهد تلك الرايات هو الشخص الذي يضطر للسفر و المرور عبر تلك الحواجز من مناطق للمعارضة التي تنطوي تحت رايات متعددة كعلم الجبهة الأسود والأحرار الأبيض إلى مناطق النظام التي هي أيضاً تعددت راياتها بين العلم الرسمي لسوريا و رايات حزب الله وإيران والعراق وآخرها روسيا، ويمكن أن يشاهد أيضا علم تنظيم الدولة الذي لم يعرف حتى اللحظة لأي طرف ينتمي.
انطلقت سيارة من مدينة إدلب تقل ركاباً إلى حلب عن طريق خناصر الذي يستغرق حوالي 12 ساعة بعد أن كان يستغرق مدة ساعة واحدة، حيث يعترض طريق الركاب خلال الرحلة عشرات الحواجز ترفع أعلاماً مختلفة يحاول الركاب خلالها إرضاء جميع الحواجز، حاجز الجبهة هو أول الحواجز الذي يواجهونه بعد الخروج من المدينة، يضع مقاتلو الجبهة علماً أسود كتب في وسطه بالأبيض ” لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
تقول هيفاء إحدى الركاب : ” يصر عناصر الجبهة على التزام النسوة بارتداء الحجاب فنقوم بوضع النقاب على وجوهنا تجنباً لسماع الشتائم ريثما نمر من هذا الحاجز”.
وبعد الخروج من مناطق سيطرة المعارضة والرايات التي ترفع معظمها شعارات إسلامية تتبع لفصائل متعددة كجند الأقصى وأحرار الشام و جيش السنة وغيرها قد يلمح خلالها المسافر علم الثورة الذي لم يعد العلم الأساسي للثوار، فكل مقاتل يتبع لفصيل معين ولكن جميعهم ينتمون للمعارضة السورية التي تقاتل النظام السوري، بعد ساعات يصل الركاب لبداية حواجز النظام المعروفة بالعلم السوري الرسمي بنجومه الخضراء بالقرب من مدينة حماة ويرى الركاب عبارات طائفية وصور الرئيس بشار وحلفائه في الصراع، يظهر الخوف حين تقديم هوياتهم لعناصر الحاجز على وجوه معظم الركاب خاصة الشباب فتلك الحواجز معروفة باعتقال الكثير من الركاب وشتمهم.
يقول حكمت طالب في جامعة حلب: “منذ سنة لم أنزل لزيارة أهلي في كفر تخاريم، فعداك عن دفع الكثير من المال يخاف معظم الشباب من اقتيادهم لفروع الأمن بتهم وحجج مختلفة”.
تقف السيارات على الحواجز كل مئتي متر تقريباً وعلى كل حاجز يحاول الركاب التظاهر بأنهم يؤيدونه كي يحظوا بمعاملة طيبة، تقف السيارة في الطريق على حاجز تابع لحزب الله اللبناني حيث يرفع الراية الصفراء يأخذ هذا الحاجز” ما هب ودب ” على مقولة السوريين من نقود و أغراض حملوها معهم وخاصة إذا كانت من المنتجات التركية.
تقول أم يزن : ” طوال الطريق يسألني ابني الذي يبلغ من العمر سبع سنوات ماما لمين هادا الحاجز و أجيبه بصوت منخفض، مع العلم أنني حذرته قبل السفر أن لا يسأل ولا يجاوب أحد كيلا نتعرض لمشاكل، فلم يعد بمقدوره التمييز بين حاجز وآخر فالجميع يلبس لباساً عسكرياً على حد قوله”.
يلفظ المسافرون أنفاسهم ريثما يصلوا للجهة التي يريدون التوجه إليها داخل الأراضي السورية فيغدو طريق السفر للمواطن السوري و كأنه مجازفة في رحلة محفوفة بالمخاطر والمصاعب.
و بين الرايات المتعددة يضيع شعب بأكمله، حيث تدل جميعها على كثرة الفصائل والجنسيات التي تشارك في الصراع السوري ويبقى التمييز بينها هو وسيلة النجاة الوحيدة للمواطنين وكما قال الإعلامي يحيى مايو الذي نظم حملة ” ارفع علم ثورتك” عام 2014 أن” كثرة الرايات مهلكة الثورات”.
المركز الصحفي السوري ـ سلوى عبد الرحمن