قامت المذيعة الألمانية البارزة آنيا ريشكه، التي تقدم برنامج بانوراما على تلفزيون NDR، بجولة في مختلف أنحاء ألمانيا تتلمّس المشاكل التي تواجه عملية الاندماج في المجتمع الألماني، في الوقت الذي تعيش فيه البلاد حالة انقسام حول أزمة اللاجئين وإمكانية التعايش معهم.
وأجرت ريشكه لقاءً مع رجل يدعى فولفغانغ فرانغنبرغ من بلدة لمغو، بولاية شمال الراين فستفاليا، كان قد بعث لها رسالة يوضح فيها بأنه يعمل إلى جانب المؤسسات الاجتماعية في مد يد العون للاجئين، إذ “يستمتع” بالعناية بـ 12 لاجئاً (6 سوريين و 6 من أفغانستان وإيران)، محاولاً إدماجهم في المجتمع، لكن بدأ يشعر باليأس رويداً رويداً.
وتسأل المذيعة الرجل عن العوامل التي سبّبت هذا الشك، كما تعرض خلال البرنامج مشاهد من عملية الاندماج لدى فرانغنبرغ واللاجئين الذين يسميهم “رجاله”.
البرنامج
ويلقي البرنامج الضوء على حالة التطرف في المجتمع الألماني، إذ يشير إلى استطلاع للرأي يظهر أن قرابة 50% من المواطنين الألمان خائفون من قدوم اللاجئين إلى بلادهم.
ويرجع هؤلاء ذلك إلى “خوفهم من الديون والتنافس في سوق العقارات وتزايد نسبة الجرائم وتأثير الإسلام”.
وتسافر ريشكه إلى جنوب ألمانيا، لتلتقي رجلاً متزوجاً من سيدة كاميرونية، قدم بلاغاً ضد المستشارة أنغيلا ميركل حول الهجرة غير المنظمة.
وتحاول ريشكه في اللقاء أن تفهم أسباب هوس، الرجل الذي يقول أنه لا يعارض استقبال اللاجئين ولا يريد وضع ميركل في السجن لـ 100 عام، في حال تمسّكه بالقوانين الألمانية.
عوائق الاندماج
البرنامج يلقي الضوء أيضاً على العوائق التي تقف أمام اندماج البعض، كتأخّر لمّ شمل العائلات والبتّ في طلبات اللجوء، في ظلّ تراكم مئات الآلاف من الطلبات، إلى جانب قلة المدرسين بالنسبة للطلاب، وندرة التواصل بين بعض اللاجئين الذين يعملون ويدفعون الضرائب منذ سنوات مع المواطنين الألمان.
بعض اللاجئين الذين التقتهم ريشكه قالوا إن الصورة التي رسموها في مخيلتهم عن ألمانيا خاطئة، كحال اللاجئ الأفغاني جواد، الذي يقيم حالياً في جزيرة أمروم الألمانية في بحر الشمال، ذات الطبيعة الساحرة. ويحتاج المرء للسفر ساعتين بالعبارة للوصول إلى اليابسة.
ويواجه جواد صعوبة في العثور على أشخاص في عمره يستطيع التواصل معهم، لذا يعاني من تعلّم اللغة، ويرغب بالعودة إلى بلاده، في ظل حالة عدم الاستقرار التي يعيشها، التي تمنعه من دعم عائلته الباقية في بلده مادياً.
ويشير البرنامج إلى أن “ألمانيا ليست البلد التي يمكن الربح فيه بدون المؤهلات المطلوبة”، فوفقاً لخبراء الاقتصاد “لا يستطيع اللاجئ دخول سوق العمل إلا بعد مرور فترة تتراوح بين 6 و8 أعوام”.
نماذج أخرى
لكن مع ذلك الأمر ممكنٌ في وقت أبكر، كحال لاجىءٍ تشادي يدعى ماكسي تاتاسولو، يعمل في مزرعة لتربية الأبقار في بلدة أوكاماك بولاية مكلنبورغ فوربرمان، مسقط رأس المستشارة ميركل، الذي قال أنه اضطر للعمل في ذلك المجال لعدم وجود بديل، فيما يظهر رئيسه في العمل رضاه عنه واندماجه في العمل مع زملائه، مؤكداً أنه لا يختلف عن الآخرين سوى بلون بشرته.
وتلتقي ريشكه أيضاً بمسعود رمزاني، وهو لاجىءٌ أفغاني يقيم منذ 6 أعوام في ألمانيا، ويعيش في مدينة هامبورغ.
ويدفع رمزاني الضرائب شأنه شأن المواطنين، لكنه مع ذلك يواجه صعوبات في التواصل مع الألمان والعثور على سكن، حيث ما زال يعيش في مأوى للاجئين مع 7 من مواطنيه.
ويشير البرنامج إلى الصعوبات الجمّة في العثور على سكنٍ في ألمانيا بالنسبة للاجئين، حتى في المناطق النائية، في ظل تقديرات تتحدث عن الحاجة لبناء 350 ألف شقة سنوياً.
ويقول البرنامج أنه وفقاً لاستبيانٍ أجراه، يعتقد ثلث الألمان بأن عملية الاندماج ستنجح، لكنهم يربطون ذلك بشرط تحديد عدد اللاجئين.
هافينغتون بوست عربي