تتوالى التصريحات التركية حول دخول المناطق المحررة في الشمال السوري بما فيها ادلب وريفها يوما بعد يوم لتصل ذروتها في ريف حلب الغربي وحماه الشمالي، فهل عساها تصب في مصلحة الشعب السوري الثائر على الظلم ليحافظ على ماتبقى من أراضي محررة شمالي البلاد.
ليس من الصعب إدراك المصلحة التركية أولا، فتركيا لا ترغب بنشوء دويلة كردية باتت واضحة المعالم من كوردستان العراق إلى عفرين شمال شرق حلب، ولكن لم الآن تنبه الاتراك؟
فمنذ احتلال العراق من قبل الإمبراطورية الأمريكية عام 2013 وبروز كانتون دويلة كوردستان في شمالي شرق العراق وإطلاق يد الاكراد فيها من قبل حليفهم الأمريكي
وتغذيتهم بسلاح خفيف إلى متوسط وتعهدات من تحت الطاولة كما يقال بحمايتهم جوا بسلاح الجو الغربي مقابل حصص في نفط وغاز العراق للتحالف، كان الأمر واضحاً جلياً
فنظام الاحتلال الحديث لم يعد كما القديم باستقدام قوات تحكم السكان المحليين قسراً، بل كل ماتحتاجه أن تغذي طرفاً ما عرقيأ أو طائفياً وتتعهد بحمايته بحجة دعم الاقليات وغذى لديه فكرة الاستقلال وغيب عنه فكرة التقسيم والاحتلال وتركه يشق طريقه وينتعش اقتصادياً
ليرفض تدريجياً أي مكون عرقي أو طائفي آخر ونجح ذلك بشدة في شمالي شرق العراق في دويلتهم كوردستان وترك أقوى مكونين السنة والشيعة ليقتتلوا في وسط وجنوب البلاد وينهش كلً لحم أخيه العربي لاختلاف المذهب.
وبعد قيام الثورة السورية عمد كل من نظام البعث وحلفاؤه الغرب لتغذية الكيان الكردي في شمالي غرب سوريا في مدينة القامشلي المتاخمة لكوردستان العراق فقويت شوكتهم وأحلامهم وبات وشيكاً اكتمال ضلعين من المثلث الكردي عراق سوريا بقيام الاكراد في عين العرب والحسكة بإعلان المناطق كردية بامتياز وتهجير العرب منها والأرمن والأشوريين أقوى المكونات في تلك المناطق فتدخل الأتراك وابادو كوباني بالتعاون مع فصائل الجيش الحر وإضاعة مناطق متاخمة لمدينة حلب شمالأ لصالح تنظيم الدولة والنظام بعد أن اشتد الخلاف حول مناصرة الأتراك من عدمه.
أما الآن وبعد أن ثبّت الأكراد حكمهم في شمالي سوريا وأخذوا منبج وهاهم يدخلون الرقة لتحريرها من قبضة التنظيم الذي انتهى دوره في تشتيت الثورة السورية عن هدفها، يبدو أن الأتراك متخوفين من دخول الأكراد لمناطق حدودية جديدة شمالي غرب أدلب سلقين حارم وغيرها ولاحقأ اقترابهم من حوض المتوسط في حال تهاوت جسر الشغور ثم سقط معبر كسب الحدودي.
كل هذه الأحداث ربما لا تمس الدولة التركية بشيء فوراً
ولكن!! التخوف التركي من بعد اكتمال الضلعين من مثلث الدولة الكردية المزعومة في العراق وسوريا أن تشتعل شرارة ثورة كردية داخل مناطقهم جنوب وغرب البلاد على الحدود المتاخمة للحدود العراقية السورية فتتدخل حينها الأمم المتحدة وأمريكا لتفصل بقوات أجنبية على أراضيها وتطلب استفتاءً شعبيا من الديمقراطية العمياء وتخسر تركيا جزء كبيراً من أراضيها ويعلن قيام دولة كردية طالما حلم بها الأكراد وأخافت الأتراك.
من سرد ما سبق نفهم لما يريد الأتراك دخول ادلب وريفي حلب وحماه بحجة اتفاق الأستانه لا لمصلحة الثورة والشعب السوري، بل لمصلحهتم الشخصية.
السؤال هنا هل نستطيع قلب الأمر لمصلحتنا ونفكر بتعقل
ففي حال تم الأمر أليس بمقدورنا أن نأمن ظهرنا من خلال حليفنا التركي بتضارب مصلحته مع مصلحتنا ونتفرغ لجبهات في حماه والساحل ونوسع رقعة الأراضي المحررة.
فالاتراك لن يدعمونا علنا فلم لا نفعل أوراق اللعب تحت الطاولة لنغلب مصلحتنا كما فعل الأكراد والنظام باستعانتهم بحلفائهم.
وكفانا زعماً أننا ثوريين وسنشق طريقنا بأنفسنا ونحن ندرك أن الكل يريد مصلحته أولاً فبآخر المطاف ملنا الأتراك وضاق بهم ذرعاً تشرذمنا فسيتدخلون ليحموا مصالحهم القومية.
المركز الصحفي السوري _ سماح الخالد