“على الأسد أن يعلم جيداً أن استخدام السلاح الكيماوي هو خط أحمر”..نتذكر هذه العبارة الشهيرة التي نطق بها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق “باراك أوباما” محذراً فيها النظام السوري من مغبة وتداعيات استخدام الأسئلة الكيماوية, عبارة تشير إلى كثير من الأمور وتطرح العديد من الأسئلة..
تدرك الولايات المتحدة الأمريكية جيداً طبيعة الصراع في سورية, والقائم على أساس ثورة شعبية قام بها الشعب السوري طلباً للحرية والكرامة ضد نظام الاستبداد الذي يملك أعتى انواع الاسلحة الفتاكة التي استخدمها ومازال يستخدمها ضد الشعب السوري حتى اليوم لقمع ثورته وتركيعه من جديد.
إذن الصراع في سورية هو ليس صراعاً بين قوتين متماثلتين في القدرة العسكرية أو بين جيشين متكافئين في العدة والعتاد, وإنما هو صراع بين إرادة الشعب المقهور وآلة الحرب العمياء التي وجهها النظام ضد الأبرياء, والمجتمع الدولي يعي هذه الحقيقة جيداً..
ومع ذلك حملت عبارة “أوباما” بين سطورها تطمينات للنظام فحواها:
لن نلتفت لجرائم القنص والتهجير والقتل بالقنابل والقذائف والبراميل المتفجرة, لكننا سنقف عند استخدام الاسلحة الكيماوية فقط والتي نعتبرها خط أحمر!!, لأنها تشكل خطراً على المدنيين في دول الجوار وبالتأكيد نحن غير مستعدين لأن يتأذى حلفاؤنا بها..
هكذا فسر البعض من الثوار السوريين المنزعجين من الصمت الدولي رسالة التحذير التي وجهتها الإدارة الأمريكية السابقة للنظام السوري, وعلى الجانب الآخر يدرك النظام أبعاد كل الاوراق المتاحة أمامه, ويعلم جيداً الحدود المسموحة وغير المسموحة جراء إمساكه بالعديد من خيوط اللعبة لذلك فهم النظام أن هذه الرسالة قد تبقى شفهية ليس إلاّ, فتعمد استخدام الاسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية لدمشق في العام 2013م وأحدث مجزرة بحق المدنيين ذهب ضحيتها مئات الضحايا, ليظهر “عورة” المجتمع الدولي من جديد ويكشف للسوريين متعمداً عن مدى جديتهم “عجزهم” في التعامل مع خطوطهم الملونة التي لن تشمل النظام!, في حين بدأ المجتمع الدولي يتظاهر بالحيرة إيهاماً للناس بأن الحقيقة غامضة, وبدأ يناقش “بسذاجة مضحكة” الطرف المسؤول عن ارتكاب هذه الجريمة المطوقة بالخطوط الحمراء التي تم وضعها مسبقاً رغم توفر الكثير من القرائن التي تشير إلى اتهام النظام فيها بل ربما هي كافية لإدانته بشكل كامل, والنتيجة لا شيء جديد, فقد غابت كل الخطوط الحمراء بين إشارات الاستفهام المصطنعة من قبل المجتمع الدولي والتي ميّعت أبشع أنواع الجرائم في القرن الحالي, وبقي المجرم واسلحته الفتاكة دون عقاب, لتعود وتفتك بحياة المدنيين من جديد بعيداً عن الخطوط الحمراء الوهمية التي عرّاها النظام وكشف مصداقية من يدّعي رسمها..
واليوم يتكرر المشهد من جديد ولكن بصورة أكثر “وقاحة” فاستخدام النظام للسلاح الكيماوي بات أمراً اعتيادياً وبدعم مباشر من حلفاءه الروس والإيرانيين مستغلين الصمت الدولي المطبق إيزاء ما يحدث من جرائم مختلفة في سورية, حتى وصل الأمر بالعديد من السوريين لاتهام الصامتين بالتواطؤ من أجل إنهاء الثورة السورية ودفنها في مكانها ولو كانت المحصلة إبادة السوريين إبادة جماعية بمختلف أنواع الأسلحة, وعلى المجتمع الدولي أن يقف موقف المدافع عن نفسه أمام “لعنات” الاتهام, فالصمت لا يعبر إلا عن حقيقة واحدة وهي, الرضا بالجريمة..
الرابع من نيسان-ابريل هوم يوم لن يسامح السوريون فيه العالم قاطبة, لأنه اليوم الذي تمادى فيه النظام من جديد متحدياً كل الخطوط الملونة إن كانت موجودة فعلاً, بعد أن قام باستهداف الاحياء السكنية في المدينة بالغازات السامة التي يعتقد أنها من نوع غاز السارين الخطير, ما أوقع المئات من الإصابات من بينها عشرات الضحايا الذين قضوا خنقاً, ثم اتبع النظام الجريمة باستهداف مشافي المدينة بالطيران الحربي الأمر الذي أدى إلى خروجها عن الخدمة.
وقد مهّد النظام لهذه الحادثة باستخدام غاز الكلور السام لأكثر من مرة في ريف حماة الشمالي, وسط مناشدات واستغاثات من النشطاء بالداخل السوري من أجل التحرك الجاد من قبل المجتمع الدولي لوضع حدٍ لممارسات النظام الوحشية التي فاقت كل الخطوط والحدود الدولية..
ما عاد السوريون ليثقوا بتحذيرات تصدر هنا وهناك, وخطوط حمراء ترسم في الخطابات فقط, بل هم يحمّلون المجتمع الدولي نتائج ما يحدث, فصمتهم اليوم لم يعد مقبولاُ أخلاقياً وإنسانياً, فإن لم يتحركوا اليوم لإنقاذ ما تبقى من المدنيين السوريين فسوف يسجل التاريخ مشاركة المجتمع الدولي في الجرائم وستلاحقهم لعنة الأرواح البريئة للأطفال في خان شيخون والغوطة..فهل من مجيب؟!
المركز الصحفي السوري-حازم الحلبي.