تمتلئ المساجد بالمصلين، كبارهم وصغارهم وشبابهم، وحتى النساء تأتي ليلةً السابع والعشرين من رمضان لتعتكف في المساجد، وذلك لشأن تلك الليلة العظيم، فهي كما قال عنها الله في كتابه “ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر”.
مساجد سوريا إجمالاً تغص بالمصلين، ففي بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي يجتمع أهالي القرية في المساجد تجمعهم شعائر وتقاليد موحدة لإحياء ليلة القدر، والتي تبدأ بصلاة التسابيح ويخبرهم بموعدها مؤذن الجامع الكبير “شاكر” الذي توفي قبل سنوات، وكان من أبرز من اعتاد أهالي البلدة على سماعهم بشكل يومي ولعشرات السنين.
يقول “أبو عبدالله” أحد ابناء البلدة “كنا سابقاً وحتى الأعوام الأولى للثورة السورية نحيي ليلة القدر في المساجد بطقوس واحتفاليات خاصة، منها قراءة القرآن الكريم لعدة مرات عبر توزيع الأجزاء فيما بيننا، بالإضافة للصلاة والدعاء الجماعي، ويتخلل تلك الليلة أداء الأناشيد الدينية والابتهالات الرمضانية”.
كما يحضر معظم القادمين إلى المسجد معهم الحلويات بأنواعها لتوزيعها على المعتكفين في المسجد، ويقول أبو عبدالله “عادة توزيع الحلويات والضيافات في المساجد موجودة منذ القدم في معظم مساجد سوريا، وفي بلدتنا كنا نحضر الحلوى في ليلة القدر ونوزعها على الأطفال وغيرهم من المصلين، وكان كل شخص يأتي إلى المسجد يجلب معه كميةً من الحلوى وتوزع في وقت متأخر من الليل”.
مجزرة السابع والعشرين من رمضان في اعزاز
لكل أجواء روحانية وسعيدة منغصات، هذا ما يستشعره أهالي مدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي مع اقتراب عيد الفطر السعيد، وذكرى مجزرة السابع والعشرين من رمضان من عام 1433 للهجرة الموافق 15 آب/أغسطس 2012 التي ارتكبتها قوات النظام نهارَ ليلة القدر.
عائلات بأكملها أبيدت بعدما قصفت طائرة حربية لقوات النظام من طراز “ميغ 25” بأربعة صواريخ الأحياء الشعبية في المدينة، وبلغت حصيلة القتلى والجرحى بحسب مدنيين من أبناء المدينة أكثر من 80 قتيلاً وعشرات الجرحى، وهزت حينها صور المجزرة الرأي العام العالمي والعربي.
يقول “علي المحمد” أحد أبناء المدينة أن القصف تركز حينها على حي شعبي وهو الحي المجاور لسجن اعزاز وشعبة حزب البعث، وتسبب بتسوية ما لا يقل عن عشرة منازل على الأرض، عدا عن تحطم جدران عشرات المنازل والمحلات التجارية، “كان القصف حينها عنيفا جداً، والعشرات أصيبوا ودفنوا تحت الأنقاض”.
“وجدنا صعوبةً في إنقاذ الناجين، الدمار كبيرٌ وواسع وما بأيدينا حيلة، كنا نفتقر للمعدات الثقيلة، ولم يكن قد تأسس فريق الدفاع المدني السوري بعد، لذلك حاولنا إنقاذ المصابين وإخراجهم من بين الأنقاض بمعدات يدوية كالرفش والمجرفة، أو بأيدينا”.
تلك المجازر تظل حاضرةً في ذاكرة السوريين مهما أكل عليها الزمان أو شرب، والتاريخ الحديث أصبح يحمل للسوريين في طياته الكثير من الألم، أو كما يقول محمد ” تقويم حياتنا أصبح تقويمَ مجازر، منذ عام 2011 إلى اليوم نصحوا على مجزرة ونمسي على إحياء ذكرى مجزرة أخرى، بينما لا يزال القاتل حراً طليقاً بدون مسائلة”.
قصة خبرية/إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع