دعت الولايات المتحدة الصين مرارا وتكرارا للانضمام إلى مفاوضات ثلاثية لتمديد معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (نيو ستارت) الثنائية الموقعة بين واشنطن وموسكو عام 2010، والتي ينتهي مفعولها في 5 شباط 2021، وصرح كبير المفاوضين الأميركيين، بعد المحادثات الأخيرة في فيينا أن أي اتفاق جديد يجب أن يُخضع الصين لقيود، وأعرب عن أمله في أن تضغط دول أخرى في المجتمع الدولي على بكين للانضمام إلى المحادثات في المستقبل.
ورد فو كونغ، المدير العام لقسم مراقبة الأسلحة بوزارة الخارجية الصينية، أن بلاده ستكون سعيدة بالمشاركة في مفاوضات ثلاثية للحد من التسلح مع الولايات المتحدة وروسيا، إذا كانت واشنطن مستعدة لخفض ترسانتها النووية إلى مستوى ترسانة بكين.
هذا بشأن المفاوضات أما بما يتعلق بالتجارب النووية فقد أصبح هذا المصطلح يرتبط بكوريا الشمالية، بعد أن أجرت بيونغ يانغ ست تجارب نووية منذ 2006، ولم تُجر ِأيُ دولة أخرى تجربة واحدة في هذا القرن، وفقاً لمجلة إنترناشونال إنترست.
بين أول اختبار نووي أميركي في عام 1945 وآخر اختبار لكوريا الشمالية في سبتمبر من العام الماضي، شهد العالم 2006 تجربة نووية على الأقل.
أجرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ما يقرب من 85% من هذه العمليات، لكن القوى النووية الثلاث الأخرى المعترف بها (المملكة المتحدة وفرنسا والصين) أجرت أيضًا عددا كبيرا من التجارب، أما إسرائيل فلم تختبر قط سلاحًا نوويًا رسميًا، على الرغم من وجود أدلة قوية على أنها اختبرت سراً بعض الأسلحة في جنوب إفريقيا عام 1979.
وأجرت الهند انفجارًا نوويًا “سلميًا” عام 1974، تلته سلسلة من خمسة انفجارات نووية في مايو 1998، وفي وقت لاحق في الشهر نفسه من ذات العام، ردت باكستان بست تجارب نووية في يومين منفصلين.
ليست كل التجارب النووية متساوية، فبعض الانفجارات تنتج عشرات أو مئات الأطنان من مادة تي إن تي، بينما يقاس البعض الآخر بعشرات الميغا طن (الميغاوان يساوي مليون طن).
وتتفوق أميركا وروسيا في عدد الاختبارات النووية بفارق شاسع، لكن المملكة المتحدة وفرنسا والصين وكوريا الشمالية كانت لها أيضًا تجارب قوية، وهذه جولة على أكبر الانفجارات النووية.
الولايات المتحدة
تعتبر الولايات المتحدة أول وأكثر من أجرى تجارب نووية في التاريخ، ففي 16 يوليو 1945 أجرت واشنطن أول تجربة نووية لها، الثالوث، في صحراء نيومكسيكو، فقد بلغ قوة الانفجار 20 ألف طن من مادة تي إن تي المتفجرة.بين عامي 1945 و1992، أجرت الولايات المتحدة 1030 تجربة نووية، أي ما يقرب من نصف إجمالي التجارب العالمية، جاء أكبرها بعد تسع سنوات فقط من الاختبار النووي في 1 مارس 1954 في منطقة بيكيني أتول في جزر مارشال، والتي عٌرفت بقنبلة “قلعة برافو”.
كان القصد من تصميم قلعة برافو هو الحصول أول سلاح نووي حراري بعد أن قامت الولايات المتحدة باختبار قنبلة هيدروجينية لأول مرة في عام 1952، لكن تحولت قلعة برافو إلى كارثة كبرى، في حين كان المصممون يتوقعون انفجارا في نطاق 5-6 ميغا طن من المواد المتفجرة، كان الانفجار الناتج بنطاق 15 ميغا طن، وهذا أقوى بنحو ألف مرة من القنابل التي استخدمت ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية.
الاتحاد السوفيتي
أجرى الاتحاد السوفياتي 715 اختبارًا مقارنة بـ1030 اختبار أميركي، لكن موسكو تتفوق على واشنطن في حجم اختباراتها، فقد أجرت موسكو أكبر خمسة انفجارات نووية في التاريخ، أبرزها اختبار القيصر.
في 30 أكتوبر 1961، أقلعت قاذفة من طراز Tu-95 معدلة خصيصًا وهي تحمل قنبلة يبلغ طولها ستة وعشرين قدمًا وعرضها سبعة أقدام ويبلغ وزنها سبعة وعشرين طنًا، ثم أسقطتها من على ارتفاع 13000 قدم فوق سطح الأرض.
وأسفر الانفجار الناتج عن حصيلة 57 ميغا طن، والتي كانت أقوى بعشر مرات من جميع الذخائر التي استهلكت خلال الحرب العالمية الثانية، كما ذكرت “بي بي سي” في وقت لاحق، يمكن رؤية النار من ألف كيلومتر، وبحسب بعض الروايات، حطم الانفجار النوافذ التي كانت على بعد 560 ميلاً.
بريطانيا
كانت المملكة المتحدة الدولة الثالثة التي تنضم إلى النادي النووي، حيث فجرت أول قنبلة ذرية لها في 3 أكتوبر 1952، وأجرت خمسا وأربعين تجربة نووية بين عامي 1952 و1991، في البداية، اختبرت لندن الأجهزة النووية بمفردها، ابتداء من عام 1961، تم إجراء تجاربها النووية بالاشتراك مع الولايات المتحدة.
كما رفضت واشنطن التعاون مع المملكة المتحدة في معظم القضايا النووية حتى أثبتت بريطانيا قدرتها على صنع قنابل هيدروجينية، وبدأت لندن اختبار القنابل النووية الحرارية في عام 1957 لكن الاختبارات الأولية لم تسفر عن النتائج المتوقعة، وتم إجراء أول اختبار ناجح لقنبلة هيدروجينية في نوفمبر 1957، لكن أكبر اختبار للقنابل النووية الحرارية في بريطانيا حصل في نوفمبر 1958، وأنتجت 3 ميغا طن.
فرنسا
كانت فرنسا رابع دولة تختبر سلاحًا نوويًا في 13 فبراير 1960، وكانت العادات النووية لفرنسا أقرب إلى بريطانيا من الدول العظمى، حيث اختلفت فرنسا عن إنكلترا في عدم إقامة علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة في المجال النوويوبين عامي 1960 و1996، أجرت فرنسا 210 تجارب نووية على الرغم من تفوقها على الصين بالنادي الذري، قامت بكين بالفعل بتفجير قنبلة هيدروجينية قبل باريس.
على عكس بريطانيا، نجح أول اختبار للقنبلة الهيدروجينية في فرنسا، وكما قال روبرت س. نوريس: “فجرت فرنسا أول جهاز نووي حراري من مرحلتين في 24 أغسطس 1968، كان اسمه كانوبوس، وهو أول اختبار نووي حراري كان أيضًا أكبر انفجار معروف في فرنسا، عند 2.6 مليون طن”.
الصين
كسرت الصين احتكار الغرب للأسلحة النووية عندما فجرت قنبلة ذرية في 16 أكتوبر 1964 في موقع اختبار لوب نور، وفي أقل من ثلاث سنوات، في 17 يونيو 1967، ادعت بكين أنها أجرت تجربة نووية حرارية، كانت هذه أسرع مرة انتقلت فيها أي دولة من انفجار أول قنبلة ذرية إلى قنبلة هيدروجينية، وبلغت قوة الأخيرة 3.3 مليون طن.
لم تصل بكين إلى أعلى من ذلك بكثير في التجارب النووية الأخرى، كان الاستثناء الوحيد في عام 1976، عندما فجرت قنبلة أسقطت جواً بقدرة إنتاجية تبلغ أربعة ميغا طن، بشكل عام، يبلغ عدد التجارب التي أجرتها بكين بين عامي 1965و1996، 45 تجربة نووية.
كوريا الشمالية
تعتبر كوريا الشمالية هي أحدث دولة تنضم إلى النادي النووي بعد تفجير أول قنبلة ذرية في عام 2006، وأنتج هذا الاختبار الأول عائدًا يبلغ 2000 طن على الأكثر من المواد المتفجرة، بينما لم تصل التجارب النووية الأربعة الأولى لبيونغ يانغ إلى عائد يبلغ 20 ألف وطن، ولكن ربما وصلت التجربة الخامسة إلى 25 ألف طن.
ومن الواضح أن أحدث تجاربها النووية كانت أقوى تجاربها، العائد الدقيق لا يزال موضع خلاف، مع تقديرات تتراوح من 100 إلى 250 كيلوطن، وهناك أيضًا آراء مختلفة حول ما إذا كانت كوريا الشمالية قد اختبرت قنبلة هيدروجينية – كما تدعي بيونغ يانغ نفسها – أو بالأحرى قنبلة انشطارية معززة.
من المرجح أن تظل القنابل النووية الضخمة التي اختبرتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في بداية الحرب الباردة من بقايا الماضي، في ذلك الوقت، كانت الاستراتيجية النووية لا تزال في مهدها، ومبنية إلى حد كبير على استهداف المدن، علاوة على ذلك، كما أظهرت الحرب العالمية الثانية، كانت الدقة من الطائرات ضعيفة للغاية، مما يعني أن انفجارًا كبيرًا كان مطلوبًا لتحقيق الأهداف المطلوبة.
لكن مع استهداف ودقة أفضل لم تعد هناك حاجة إلى عوائد نووية عملاقة مثل قلعة برافو أو القيصر وربما لم تكن هناك حاجة إليها على الإطلاق، فاليوم يعتقد أن أقوى رأس حربي نووي أميركي هو B83، بعائد 1.2 مليون طن، في طريقه للتقاعد.
نقلا عن اورينت نت