تتعرض مجتمعاتنا لهزة كبيرة منذ أن بدأ فيروس كوفيد-19 في الانتشار قبل أسابيع، فهل سيعود العالم بمجرد إغلاق هذا القوس المؤلم والمثير للقلق،إلى الدوران بالطريقة نفسها أو سيؤدي هذا الفيروس لتغيير مجرى التاريخ؟
سؤال طرحه الكاتب بيير هاسكي في مقال له بمجلة لونوفل أوبسرفاتور، أكد في بدايته أن فيروسا يمكنه بالفعل أن يغير مجرى التاريخ إذا أدى إلى القضاء على نسبة كبيرة من سكان العالم كما كانت الحال مع “الطاعون الأسود” في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي، لكن لحسن حظ العالم اليوم، فإن كوفيد-19، وإن انتشر في كل قارات العالم، إلا أنه لا يملك تلك القوة التدميرية الهائلة للطاعون الأسود.
غير أن هاسكي لفت إلى أن كوفيد-19 شكل عنصرا مفاجئا أثار “اضطرابا” في الديناميات الاقتصادية والجيوسياسية، أو كما وصفه وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو ماير، مثل حدثا “غير قواعد اللعبة” تماما كما غيرها الهاتف الذكي والذكاء الاصطناعي وما شابه ذلك.
وتساءل الكاتب إن كان هذا الفيروس تمكن فعلا من تغيير “قواعد اللعبة”، ليؤكد أنه في غضون أسابيع قليلة، وعلى الرغم من أن هذا المرض لم يصل بعد إلى “ذروته”، فقد رأينا تأثيره القوي على الصين وإيران وتهديده للنمو العالمي وربما حتى تأثيره في الحملة الانتخابية الأميركية، حيث غدت قضية الرعاية الطبية موضوعا مركزيا فيها.
ولئن كانت بعض الأحداث لم يتغير شيء في مجراها رغم هذا الفيروس مثل الحرب في سوريا، فإن بعض الآثار الجانبية لهذا الفيروس سوف تترك بصماتها، ففي الصين، مثلا، ذلك البلد الذي بدأ فيه كل شيء، كشف فيروس كورونا عن احتمال انعدام الثقة في السلطة والتعبير عن ذلك صراحة، على الرغم من تقنيات المراقبة السياسية، وهو ما كشفه غضب الصينيين عبر الإنترنت الذي أعقب وفاة الدكتور لي وين ليانغ، طبيب ووهان الذي أجبر على ابتلاع كلامه بعد “تحذيره” في ديسمبر/كانون الأول الماضي من هذا الفيروس، وهو ما سبب صدمة على أعلى مستوى في الحزب الشيوعي ووضع الرئيس الصيني شي جين بينغ أمام تحد غير متوقع، وفقا للكاتب.
وأضاف هاسكي أن التغيير الآخر الكبير في قواعد اللعبة بالنسبة للصين تجلى في وعي الشركات العالمية بأنها يمكن أن تستغني عن الاعتماد الشديد على “مصنع العالم”، فتسارعت ظاهرة نقل تصنيع بعض المنتجات من الصين إلى وجهات أخرى.
لكن الكاتب أقر بأن تلك الظاهرة بدأت قبل تفشي هذا الفيروس، أي بعد أن أصبحت تكلفة الإنتاج في الصين أعلى في الفترة الأخيرة، لكن كوفيد-19 عزز ذلك التوجه.
وختم الكاتب بالتأكيد على أن الوقت لا يزال مبكرا جدا لتحديد تأثير فيروس كورونا الجديد، وحتى لطرح أسئلة حول ما يجب تغييره وتحسينه. ولكن قد يكون من المستغرب أن نأمل في لحظة من الخوف أن يتمخض ذلك عن مستقبل أفضل بالنسبة لنا، وفقا للكاتب.
نقلا عن الجزيرة