قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن أمريكا تخلت عن المعارضة السورية، وتحاول إجبارها على النزول عند شروط روسيا وبشار الأسد.
ونقلت الصحيفة في عددها الصادر اليوم عن المتخصص الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط جان بيير فيليو تقديره بأن سوريا ليس من اهتمامات أمريكا، ولذا تضغط على المعارضة لإجبارها على التصالح مع الأسد.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة بدت في العام الأخير من ولاية باراك أوباما، في حالة غريبة من إنكار التهديد الإرهابي على الرغم من وقوع حوادث متعددة في الفترة الأخيرة، بداية بحادث سان برناردينو في الثاني من ديسمبر الماضي في كاليفورنيا، ثم الاعتداء الذي تم إحباطه أثناء ليلة رأس السنة الجديدة في مدينة روشستر بولاية نيويورك، والاعتداء على شرطي أمريكي في فيلادلفيا في الثامن من الشهر الجاري، ناهيك عن الحوادث الأخرى التي تتردد العدالة في وصفها بالأعمال الإرهابية.
وأضاف جان بيير فيليو أن الرئيس الأمريكي يواصل رغم ذلك إنكار وجود أي تهديد حقيقي على الأراضي الأمريكي، ويلصق تهم ارتكاب هذه الهجمات بأفراد منعزلين أو بعض المجموعات الصغيرة التى تعمل وفقا لأجندة خاصة بها. ويرفض أيضاً الاعتراف بأن تنظيم داعش يستطيع أن يغذي خلايا إرهابية على الأراضي الأمريكية، كما لم يرغب الاعتراف في عام 2009 بأن تنظيم القاعدة قادر على القيام بهجمات إرهابية داخل معسكرات الجيش الأمريكي حتى بعدما قتل نضال حسن، وهو ضابط أمريكي 13 عسكريا في قاعدة تكسن بفورت هوود، وكذلك الحال فى عام 2016. ويصر أوباما على عدم الاعتراف بقدرة داعش على ضرب الأراضي الأمريكية مستخدما مجموعات إرهابية منغرسة في الداخل.
وأكد المتخصص الفرنسي أن هذا الاعتراف من قبل الإدارة الأمريكية بهذا الواقع المزعج سوف يرغمها بالفعل على إعادة النظر في كل سياستها المناهضة لدعش والتى تعد محصورة الآن في قصف جوي بسوريا والعراق مع تقديم الدعم للعراق في المواجهات البرية للقوات الحكومية وميليشيات الأكراد ضد داعش.
وأشار جان بيير، الذي قام بزيارة كل من واشنطن ونيويورك وبوسطن لمدة عشرة أيام بدعوة من السفارة الفرنسية، إلى أنه تمكن من رصد حجم المبالغة في هذا الإنكار والشلل الذي بات واضحاً في الحوار الأمريكي فى هذا الصدد.
وأوضح أن هجمات داعش ضد باريس وضواحيها في الثالث عشر من نوفمبر قد أدت إلى مزيد من التضامن والترابط في فرنسا، لكنها فشلت في إقناع إدارة أوباما بإعادة مراجعة سياسته في الشرق الأوسط، كما لم يكن لها صدى في الحملات الرئاسية الأمريكية التي بدأت هناك.
وأكد جان بيير فيليو أن الرئيس الأمريكي يواصل بناء استراتيجيته المناهضة لداعش على ثلاث فرضيات خاطئة. وتتمثل الفرضية الأولى فى التوهم بأن الأزمة السورية يمكن حلها بأقل تكلفة، والثانية الاعتقاد بأن الحملة المناهضة للتطرف يمكنها أن تصبح أكثر فاعلية في العراق من سوريا، والأخيرة الأمل في التوصل إلي اتفاق مع روسيا على المدى القصير. ودفعت هذه الفرضيات الثلاثة أمريكا إلى التورط بصورة متزايدة في العراق أكثر من سوريا في الوقت الذي اتجه فيه الإرهابيون الأجانب نحو سوريا وليس العراق بأعداد تُقدر بالمئات كل أسبوع وذلك وفقاً لمصادر فرنسية.
وأشار المتخصص الفرنسي أنه بدلاً من المطالبة بوقف القصف الروسي على المعارضة السورية، علقت الولايات المتحدة امداد الثوار بالأسلحة من أجل إجبارهم على التفاوض مع نظام الأسد الذي يبدو في موقف ضعف. ولا شك أن هذه السياسة الفاجعة أدت بالضرورة إلي تعزيز شبكات داعش العابرة للحدود والتي تشدد قبضتها على الرقة ودير الزور في سوريا.
وأضاف جان بيير فيليو أن الصحفيين الذين وجهوا أسئلة للرئيس الأمريكي أوباما فيما يتعلق بالتهديد الإرهابى قد أيقنوا أن السياسة الأمريكية الحالية لن يتم مراجعتها إلا في حالة وقوع إعتداء كبير على الأراضي الأمريكية، بما يرغم إدارة أوباما على تغيير فكرها الحالي.
*ترجمة خاصة بموقع “الإسلام اليوم“