تداول السوريون في سنوات الحرب التي عصفت ببلادهم مصطلحات كثيرة لم يكن لوقعها على مسامعهم سابقا أي أهمية، إلا أنهم أجبروا على التعايش مع عدة أدوار هم فيها الأبطال المظلومين، فكانوا لاجئين، نازحين، أيتاما، ثكالى، محرومين، محاصرين، ولم تقتصر معاناة اللاجئين بوصولهم لبر الأمان في الدول الأوروبية، ليكون مصطلح “لم الشمل” أكثر ما يرهقهم ويشتت تفكيرهم وهنا تبدأ دوامة المتاعب التي لا تنتهي.
ولمن يجهل ما يعنيه هذا المصطلح، هو أحد قوانين الاندماج في بعض الدول الأوروبية، ويهدف لجمع شمل أفراد العائلة المقيمين في أوروبا بمن هم خارجها وفق شروط صارمة لا يمكن تجاوزها أو التلاعب بها، وأهمها الحصول على الإقامة الدائمة واجتياز المراحل الأساسية من اختبار تعلم لغة الدولة المستضيفة للاجئ، وقد تطول مدة الحصول على الإقامة لمدة تتعدى السنة أو ربما لمدة ثلاثة أشهر بحسب القوانين والأنظمة الخاصة باللجوء عند كل دولة.
تروي لنا نجلاء من مدينة ادلب معاناتها مع تلك المعضلة ـ كما سمتهاـ :” قرر زوجي اللجوء إلى ألمانيا بعد تحرير مدينة ادلب، وكنا على أمل أن يتمكن من لم شملنا بعد ثلاث أشهر كونه لدينا أطفالا صغارا، وقام بتوكيل شخص في تركيا استدل عليه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ليقوم بتقديم الأوراق المطلوبة للسفارة لقاء مبلغ من المال، وبعد أن حددت السفارة موعد المقابلة دخلت إلى تركيا برفقة أطفالي الثلاثة، وعندما ذهبت للموعد رفضوا الطلب لأن فيه أوراقا قام ذلك الشخص بتزويرها ليوفر على نفسه المال”.
وتضيف نجلاء:” مضى على مكوثي في تركيا ثلاثة أشهر ووجب علي أن أعيد تقديم الأوراق بشكل نظامي، لو كنت أعلم أن الأمر سيكلفني كل ذلك العناء لما أقدمت عليه من البداية”.
ولم تقتصر معاناتهم عند ذلك، بل يواجه البعض منهم مشكلة أخرى تتمثل بانتهاء صلاحية جواز السفر، وترفض أي سفارة أن توافق على طلب الشمل لأي شخص لا يمتلك جوازا نظاميا بصلاحية سارية، وهنا تبدأ المعاناة الكبرى وبالأخص للرجال الذين لا يستطيعون الذهاب لمناطق النظام لاستصدار جواز أو لتجديده.
ولحنان معاناة من نوع مختلف، فبعد أن تمت خطبتها لابن عمها المقيم في ألمانيا، رفضت السفارة طلب لم الشمل كونها لم تتجاوز السادسة عشر من العمر، ومن الشروط الواجب توافرها في الزوجة أن تكون قد أتمت الثامنة عشر من العمر، وليس أمامهما خيار سوى الانتظار إلى أن يحين الموعد.
وكل يوم يفوت على السوريين سواء في الداخل أو لمن يعيش في دول اللجوء، تزداد حياتهم صعوبة وتتراكم همومهم، وبالأخص في قضية اللاجئين، إلى أن أيقنوا أن الدول التي شرعت أبوابها لاستقبالهم همها الأول مصالحها بعيدا عن أي مشاعر إنسانية تجاههم.
مجلة الحدث ـ سماح الخالد
هموم الناس