ما يزال ريف اللاذقية الشمالي يشهد معارك عنيفة بعد الهجوم العنيف لكتائب الثوار (معركة اليرموك) الذي أعاد من جديد معارك الساحل السوري إلى الواجهة, ويجمع العدد الأكبر من السوريين على أن معارك الثورة السورية التي تجري في الساحل السوري هي الأكثر أهمية والأكثر فائدة وجدوى, وهي تفوق بأهميتها معارك الثورة في دمشق وحلب وغيرهما؛ نظرا لما تتمتع به من أهداف وما ينتج عنها من منافع ونتائج كبرى لصالح مسيرة الثورة السورية.
لذلك وغيره يطالب السوريون وبشكل دائم باستمرار هذه المعارك وبتوسيع مساحة امتدادها الجغرافية, حيث أدت هذه المعارك واستمراريتها إلى نزع الصفة المحرمة عن اندلاع المعارك في الساحل السوري المعقل الأكبر الذي تتركز فيه الحاضنة الشعبية للنظام ولا سيما أن هذه المنطقة تحديدا بقيت ولفترات عديدة من عمر الثورة من “المحرمات ” التي لا يسمح النظام للمعارضة بالدخول إليها أو اقتحامها وخوض الثورة فيها. لذلك دائما ما يكون فتح المعركة في الساحل السوري هو بمثابة إزالة الغشاوة عن أعين السوريين بحرمة التفكير باقتحامها وجعل الساحل مثله مثل باقي أراضي سورية مكانا لاستهداف قوات النظام.
يسود اعتقاد لدى جميع السوريين مفاده أن النظام يفكر جديا وكورقة أخيرة, بإقامة كيان أو كانتون طائفي (دويلة طائفية) مستقل في مناطق الساحل السوري, وغالبا ما سيكون امتدادا لكيان الشيعة في لبنان بحيث يؤدي إلى خنق السوريين فيما يعرف بسورية الداخلية, وبالتالي فإن فتح المعارك في الساحل وتطويرها وشموليتها سيبدد هذه الخطط الشيطانية للنظام ولدعاة التقسيم من حلفائه الإقليميين والدوليين.
وبالتأكيد فإن الدخول القوي للثوار بمستوى معركة شاملة في الساحل السوري, سيؤدي إلى إحداث رعب مستمر لأنصار النظام ويجعل من الحاضنة السكانية هناك هي من تدفع ثمن وقوفها ودعمها لجرائم العصابة الأسدية.
وفي كل مرة تشتعل بها جبهة الساحل, يحدث خلط واضح لأوراق النظام السوري الذي يبدأ وبشكل جدي بإعادة حساباته في معاركه البعيدة عن معقل ثقله وخاصة في دمشق وحلب, فقواته ستكون مضطرة إلى الانسحاب أو بالأحرى أقسام كبيرة منها لحماية ظهرها في منطقة الساحل, ومن هنا تنجح المعارضة المسلحة في تخفيف الضغط عن الجبهات التقليدية التي يزداد تركيز العدوان عليها من قبل النظام في الآونة الأخيرة.
ولأن هدوء الساحل يكون له الدور البارز في تأمين خطوط إمداد جيش النظام في حربه على الشعب حيث ينطلق من المناطق الساحلية التي غالبا ما تكون الأمور هادئة بها ولدرجة كبيرة, يؤدي وجود المعارك الشاملة جغرافيا في الساحل إلى قطع أغلب طرق الإمداد والتموين عن جيش النظام أو على الأقل جعل تلك الطرق أو كثيرا منها غير آمنة ومهددة, ما يصعِب إيصال الإمداد لقواته في باقي الجبهات.
ويبقى الأمر الأهم من كل ما ذكرناه هو أن معركة الساحل السوري, تعتبر بمثابة المحك الذي توضع عليه كل الفصائل والقوى العسكرية والثورية على الأرض, لذلك سيضطر الكثيرون منهم للمشاركة بتلك المعركة لأسباب إن لم تكن إخلاصا للعمل والثورة, فهي تجميل لصورتها التي اهتزت أمام أنظار الشعب السوري وإعلام الثورة.
ولأجل كل ما تم ذكره من المتوقع أن تكون معركة الساحل الحالية والتي تسمى بمعركة “اليرموك” هي فاتحة جديدة في تاريخ ثورتنا المجيدة, وستؤدي حُكما إلى قلب الطاولة على كل من يريد لهذه العصابة المجرمة ألّا تنتهي وألّا تلقى مصيرها العادل.
المركز الصحفي السوري– فادي أبو الجود