أثارت قضية “اختطاف” السلطات الأمريكية لرجل الأعمال اللبناني “قاسم تاج الدين” مؤخراً في مطار كازابلانكا بالمغرب، جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية اللبنانية والعالمية، حيث يمثل تاج الدين أمام محكمة في واشنطن، على خلفية تقديمه الدعم المالي لميليشيا حزب الله الذي تغيب عن قضيته وقابلها بـ”تعتيم إعلامي” شبه تام على اعتبار أن الدفاع عنه علناً أو مساعدته سيُعتبر دليلاً على ارتباطه بقضايا تجارة المخدرات وتبييض الأموال.
تهريب مخدرات
وتم تسليمه بموجب “معاهدة المساعدة القانونية المتبادلة” النافذة منذ عام بين المغرب وأمريكا 1993، والتي تنص على التعاون الثنائي في المسائل الجنائية، حيث كشفت وزارة العدل الأمريكية، الجمعة الماضي عن اعتقال رجل الأعمال اللبناني، قاسم تاج الدين، ومحاكمته بالتحايل على العقوبات المفروضة عليه عن طريق تقديمه الدعم المالي لحزب الله.
وأفاد بيان الوزارة الأمريكية أن الاعتقال والحاكمة كانا نتيجة تحقيق استغرق عامين، أجرته إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) بدعم من هيئة الجمارك الأمريكية وحماية الحدود (CBP)، وكان ذلك جزءاً من العملية الأمنية الأمريكية المعروفة باسم “كاساندرا” والتي أدت إلى كشف الشبكة التابعة لحزب الله المتورطة في عمليات تهريب المخدرات إلى أمريكا وأوروبا والاستعانة بالأموال الناتجة عنها لتمويل قتال الحزب المصنف على قائمة الإرهاب وشاركت فيها أجهزة أمن من سبع دول على رأسها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا.
ويعتبر البيت الابيض شركات تاج الدين بأنها جزء من شبكة عالمية تقدم ملايين الدولارات لـ”حزب الله”، كما يعتبره “من اخطر المجموعات الارهابية في العالم”، ووجهت عقوبات اميركية في كانون الاول 2010 إلى شبكة أعمال مملوكة أو يديرها تاج الدين وأشقاؤه في غامبيا ولبنان وسيراليون وجمهورية الكونغو الديموقراطية وجزر العذراء البريطانية.
دعم ميليشيا الحزب
وتؤكد الكاتبة “حنين غدار” في مقال نشره “معهد واشنطن” أن “وزارة الخزانة الأمريكية”صنفت تاج الدين في عام 2009، على أنه “مساهم مالي مهم” لـ “حزب الله”، كما تم تصنيف شركته “تاجكو”، كما اتهمته أيضاً باستخدام “عائدات من شركته لتوفير الدعم المالي بملايين الدولارات” لـ “حزب الله”.
كما صنفت في عام 2010، وزارة الخزانة الأمريكية أيضاً شقيقيْ تاج الدين وشريكيْه في العمل، علي وحسين، بتهم مماثلة، مشيرةً إلى أن علي هو قائد سابق في “حزب الله” وفّر مبالغ نقدية للميليشيا على شكل دفعات تصل قيمتها إلى مليون دولار، كما أنه جهة فاعلة مهمة في “جهاد البناء”، وهي شركة بناء مقرها في لبنان، أنشأها ويشغّلها “حزب الله”.
أما أخوه الآخر حسين، فهو جامع تبرعات ومناصر بارز لـ “حزب الله” في غامبيا؛ وقد طُرد من تلك البلاد في وقت لاحق، وكان ذلك في عام 2015 بسبب هذه العلاقات المزعومة.
وتشمل الشركات التي يملكها أو يشغلها إخوان تاج الدين “تاجكو”، و “سوبر ماركت كايرابا”، و”كونغو فيوتشر”، و”أوفلاس ترايدنغ”، و”غولفرات هولندنغز”، و”غروبو أروسفران”، حيث تنشط هذه الشركات في غامبيا ولبنان وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا وجزر فرجن البريطانية.
أين “حزب الله”
وتشير الكاتبة إلى أن “حزب الله” لم يفعل شيئاً حتى الآن عن اعتقال تاج الدين، وربما سيمتنع عن أي رد فعل رسمي، بما أن الدفاع عنه علناً أو مساعدته سيُعتبر دليلاً على ارتباطه بالحزب، إلا أن “حزب الله” ربما يستخدم وسائل أخرى للضغط على السلطات المنخرطة في عملية تسليمه المحتملة، مثل تنظيم احتجاجات بشكل غير مباشر أمام السفارتين المغربية أو الأمريكية في لبنان، حي سبق وأن وجّه رئيس بلدية حناويه، مسقط رأس تاج الدين، إنذاراً مدته 48 ساعة لإطلاق سراحه، مهدداً بالقيام بتظاهرات.
وفي هذا السياق طرح ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي جملة أسئلة أبرزها: أين المتشدقون بالسيادة والاستقلال وهل ما حصل مع قاسم تاج الدين لا يمس سيادة واستقلال لبنان، أين المسؤولون الذين هبوا بالأمس لمعالجة ما حصل في تركيا هل تناسوا واجباتهم تجاه أحد أبناء وطنهم، وتساءلوا أيضاً أين وسائل الإعلام التي فتحت الهواء ونقلت أحداث تركيا حد الابتذال بحسب موقع “الجنوبية”.
وعن دور الحكومة اللبنانية أضافوا”ماذا فعلت السلطات اللبنانية مع هذه الدولة الشقيقة هل طالبتها باسترداد تاج الدين الذي أوقف على أرضها، وهل استدعت السلطات اللبنانية سفير هذه الدولة الشقيقة وأعطته انذاراً في حال عدم تسليمها تاج الدين على هذا السفير أن يغادر البلاد خلال 48 ساعة”.
قاسم تاج الدين
هو رجل أعمال لبناني يبلغ 16 عاماً ينحدر من بلدة حناوية قرب صور، قام مع شقيقيه ببناء شبكة عالمية من شركات تجارة المواد الغذائية والعقارات، كما يمتد نشاطه من لبنان إلى العديد من الدول، وله عدة نشاطات عقارية محلية حيث ابتاع مساحات واسعة في منطقتي الشوف والبقاع الغربي، منها “مشروع مديار” السكني الذي قيل إنه استكمال لمخطط حزب الله في السيطرة على المواقع الاستراتيجية على طول الخط الساحلي بين بيروت والجنوب، بعدما تبيّن للحزب في أحداث السابع من أيار أنّ الخط الساحلي الذي يربط بين الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني خارج سيطرته، هذا الخط الذي يمكن أن يعرقل مخططه التوسّعي لاحقا.
أورينت نت