المركز الصحفي السوري – ماهر الحاج أحمد 6/3/2015
باتت الشهادات الجامعية المزورة سلعة للبيع يتاجر فيها بعض الأشخاص من أصحاب الأنفس الضعيفة، وظاهرة جديدة انتشرت في المناطق الحدودية التركية، حيث لاقت رواجاً كبيراً لدى عدد من السوريين الراغبين في الهجرة إلى الدول الأوروبية.
“جديدنا: شهادات هندسة، شهادات طب وصيدلة، شهادات حقوق واقتصاد وأدب عربي، للطلاب الذين لم يتمكنوا من إكمال دراستهم في هذه الأفرع، بشرط أن يكون الطالب قد أتم سنتين في فرعه، ولدينا. فرع خاص لبيع شهادات الثانوية العامة بكافة فروعها».
هذا الإعلان الذي تناولناه ليس طرفة أو نوع من الفكاهة، إنما هو إعلان حقيقي يجري الترويج له عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وتمثل هذه التجارة آخر صرعة من صرعات تجار الحرب السورية.
وقد أفادنا “إبراهيم” أحد الطلاب الذين تخلوا عن دراستهم منذ بداية الحراك الثوري، بسبب إعتقاله لمرتين من قبل قوات النظام، حيث قال: “تخليت عن جامعتي في مدينة حلب بسبب ظروف الحرب، ولإعتقالي مرتين متواليتين دون ذنب سوا أنني من محافظة إدلب أحد أوائل المحافظات الثائرة ضد نظام الأسد، وقد إفتكرت أن الحرب ستنتهي بسنة او سنتين وأعود لجامعتي، وعندما رأيت أن الأمر أصبح أطول مما توقعت بكثير، وبات من هو أدنى مني في المستوى التعليمي يحصل على وظائف لم يكن يحلم بها وبشهادة مزورة، أصبحت أفكر في إقتناء شهادة مماثلة، والحصول على وظيفة”.
«شهادات سورية للبيع»، هكذا انتشرت أكشاك العلم في مناطق الشمال السوري، ويُعد “بيع الشهادات في الشمال السوري” الأشهر على الإطلاق، لما يُقدمه من تسهيلات للراغبين بالحصول على إجازة جامعية. لاقت التجارة رواجاً كبيراً بين الشباب السوريين، ويعرض التجار نماذج حقيقية لشهادات على شبكات التواصل الاجتماعي، بيعت لمهاجرين سوريين غادروا إلى أوروبا، وإلى الدول الاسكندنافية، واستفادوا منها في تسريع الحصول على الإقامة في تلك البلدان.
يروي لنا “حسان” أحد أوائل الأشخاص الذين إمتهنوا بيع الشهادات الجامعية تجارةً لهم بالقول: «لم يتمكن معظم الطلاب من إكمال دراستهم وهم لاجئون، لذلك لا أجد أي مشكلة في مساعدتهم للحصول على شهادات تؤهلهم للعيش في أوروبا، هم لن يعملوا بشهاداتهم، لكنهم يستفيدون منها بأمور أخرى، كتسهيل الحصول على الإقامة».
تراوح كلفة الشهادة بين 100 دولار للفروع الأدبية، وحوالىي 200 دولار للفروع العلمية، فيما تعد شهادات الثانوية العامة الأرخص، حيث لا يتجاوز سعرها الخمسين دولار، ويستطيع الشخص شراء شهادة ثانوية صادرة في وقت سابق، وأخرى جامعية بتاريخ آخر يتناسب مع فرع دراسته وتاريخ حصوله على الشهادة الثانوية.
كما أفادنا “محمد” أحد الاشخاص الذين حصلوا على شهادة من هذ النوع وإستفاد منها حين تترك دراستك دون أن تحصل على الشهادة، وانت بالأصل لست معتاداً على ممارسة أي عمل عضلي، يصبح الإحباط رفيقك، ولاتجد إلا هذه الوسيلة من أجل الحصول على عمل، والإستمرار في تحمل أعباء الحياة”
لكن “محمد” يستنكر في الوقت ذاته منح هذه الشهادات إلا لمن يثبت أنه كان في سنوات دراسته الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن موضوع تزوير الشهادات الجامعية قد إنتشر في سوريا في العام 2002 عبر شبكات للتزوير والمتاجرة بين سوريا ولبنان والسعودية، إلا أنها كانت سرية جدا، وضُبط عشرات المروجين لها وأُلقي القبض عليهم، مما أخضع موضوع الشهادات لرقابة صارمة من قبل وزارة التعليم، إلا أن هذا الموضوع إنتشر في الوقت الحاضر بشكل كبير، بسبب غياب تام للرقابة والمساءلة، وعدم الخوف من أي جهة تتخصص في مكافحة هذا الأمر، الذي إن كان من حق بعض الطلاب الذين توقف تخرجهم على بضع مواد، إلا أنه في الوقت ذاته يمنح الفرص لأناس على حساب أناس.