كيف ساعدت واشنطن في التخلص من المالكي؟
صحيفة النهار
سارعت الولايات المتحدة الى الترحيب بتكليف الرئيس العراقي فؤاد معصوم لحيدر العبادي تأليف الحكومة العراقية الجديدة، وجددت التزامها بتوفير الدعم الكامل للحكومة الجديدة التي تمثل مختلف الاطياف السياسية، وتحديدا لمواجهة خطر تنظيم “الدولة الاسلامية”، وقت حذرت المالكي من عرقلة هذه العملية، او كما قال وزير الخارجية جون كيري من مغبة ” تعكير المياه”، وذلك بعد ليل طويل راقب خلاله المسؤولون الاميركيون التطورات الميدانية في بغداد ومحيطها بما في ذلك نشر قوات عسكرية وامنية في المنطقة الخضراء التي تقع فيه االسفارة الاميركية، والتي رأى فيها المسؤولون محاولة اخيرة ويائسة من المالكي للتصدي لمحاولات التخلص منه. وكان من اللافت السرعة التي رحبت فيها واشنطن والامم المتحدة والعواصم الغربية بتعيين العابدي خلفا للمالكي، الذي لا يزال من غير الواضح كيف سيتعامل مع هذا التحدي الكبير بعد ان وجد انه فقد الغطاء الخارجي، وحتى جزءا مهماً من الغطاء الشيعي في الداخل.
وقال وزير الخارجية كيري خلال زيارته اوستراليا ان حكومته تقف بقوة وراء قرار الرئيس معصوم “المسؤول عن صيانة الدستور في العراق.”. ورأى ان العراقيين اوضحوا انهم يريدون التغيير. واضاف: “وفي اوساط الشيعة من الواضح جدا ان هناك ثلاثة مرشحين لرئاسة الوزارة والمالكي ليس من بينهم”.
وبعد ان حض العراقيين على التمسك بالهدوء وعدم اللجوء الى السلاح او استخدام الميليشيات، اشار إلى ان “تأليف الحكومة امر مهم في صيانة الاستقرار والهدوء في العراق، واملنا ان لا يعكر المالكي المياه”. وتابع في ايضاح آخر للسياسة الاميركية: “هناك أمر واحد على العراقيين ان يدركوه، وهو انه لن يكون هناك حتى دعم دولي صغير من أي نوع يمكن ان يبتعد عن العملية الدستورية الشرعية الموجودة والتي يتم العمل عليها الان”.
وسارع نائب الرئيس جوزف بايدن في اجراء اتصالين هاتفيين بالرئيس معصوم ورئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، فاكد لمعصوم الدعم الاميركي الكامل لدوره كمسؤول عن العملية الدستورية، وكذلك رغبة الرئيس الاميركي باراك اوباما “بتحسين التنسيق مع الحكومة العراقية الجديدة والقوات الامنية العراقية للتصدي ودحر الدولة الاسلامية في العراق والشام.” وهنأ بايدن العبادي الذي ابلغ الى نائب الرئيس الاميركي، وفقا لبيان صدر عن البيت الابيض برغبته التحرك بسرعة ” لتأليف حكومة شاملة وذات قاعدة واسعة وتمثل مختلف الفئات”. من جهته كرر بايدن التزام حكومته بتوفير الدعم الكامل للحكومة الشاملة الجديد وخاصة في مواجهتها مع الدولة الاسلامية.
ومن المتوقع، في ضوء رفض نوري المالكي لتسمية العبادي خلفا له، واعتبار هذه الخطة غير دستورية وباطلة، ان تستمر الازمة العراقية الداخلية، الامر الذي سيعني تأخير معاودة واشنطن لمساعداتها العسكرية للعراق بطريقة كبيرة، لانها كانت دوما تربط مثل هذا الدعم بتأليف حكومة بديلة للمالكي. لكن يبدو ان التردد الاميركي التقليدي بتوفير الدعم العسكري المباشر لقوات البشمركة العراقية قد انتهى، على خلفية تأكيدات وتسريبات حكومية بان واشنطن تقوم، مع اطراف اخرى بتزويد الاكراد بالسلاح بطريقة عاجلة للتصدي لقوات “الدولة الاسلامية”.
وكان انسحاب او تراجع القوات الكردية في وجه قوات “الدولة الاسلامية” من ابرز التطورات التي فاجأت واشنطن في الايام الماضية وارغمتها على تعديل سياستها حيال تسليح الاكراد. ولكن واشنطن لا تزال تعول على فعالية وانضباط القوات الكردية، وهي الان في سباق مع الزمن للتعجيل بتسليحها خاصة وانها تحتاجها لانقاذ الاف الايزيديين الذين لجأوا الى جبل سنجار هربا من قوات “الدولة الاسلامية” التي تسعى لابادتهم.
وقالت مصادر مقربة من تفكير ادارة اوباما ان واشنطن، وحتى في حال تأليف الحكومة العراقية الجديدة، فانها لا تعتزم تصعيد عملياتها العسكرية في العراق بشكل جذري، كما لا تعتزم توجيه أي ضربات جوية لقوات “الدولة الاسلامية” في سوريا. و نبهت المصادر من خطأ اعتبار الاجراءات العسكرية الاميركية المحدودة على انها تمثل بداية تحول نوعي في موقف الرئيس اوباما من استخدام القوة في العراق او ان يكون ذلك بمثابة تغيير في استراتيجيته الحذرة في التعامل مع الازمتين السورية والعراقية. ويشير هؤلاء الى ان اهم ما قاله اوباما في الايام الماضية هو تأكيده عندما اعلن عن اول عملي عسكرية ضد “الدولة الاسلامية” من انه لن يسمح ” بان يتم جر الولايات المتحدة الى الدخول في حرب اخرى في العراق”، وانه لا يزال يرى ان المسؤولية الاساسية لانقاذ العراق تقع على عاتق العراقيين الذين يحظون بالدعم الخارجي.