في الشمال السوري بشكل خاص و في سوريا بشكل عام من الممكن أن تتحول المدرسة إلى ملجأ للنزوح أو نقطة عسكرية أو طبية، من الممكن للمدرسة أن تتدمر في لحظات و تصبح أثر بعد عين، وذلك بسبب ظروف الحرب التي يعاني منها السوريون .
ذهبنا إلى مركز إيواء المتفوقين في وسط مدينة إدلب و هو مركز يضم ٣٢ عائلة تسكن كل عائلة في صف من صفوف المركز، و اطلعنا على واقع المعيشة هناك حيث أن كل أسرة تسكن في غرفة صفية واحدة فقط، قد تسكن أحيانا أسرتين معا في ذات الغرفة، حيث تحولت إلى غرفة للنوم و للطعام و للحمام و كذلك للجلوس .
التقينا مع السيد ” يحيى خطاب ” مدير مركز إيواء المتفوقين و حدثنا فيه عن تحويل هذه المدرسة التي كانت مخصصة للطلاب المتفوقين في مدينة إدلب لمركز إيواء لمهجرين من حمص و جنوب إدلب و صعوبات الحياة في المدرسة .
حيث قال ” كانت هذه المدرسة قبل سنوات عبارة عن مكان متخصص بتعليم المتفوقين من الحاصلين على أعلى الدرجات في الشهادة الإعدادية، و لكنه بفعل الحرب تحول إلى مركز للإيواء و مسكن لمشردي الحرب وهو يضم حوالي ٣٠ أسرة حاليا يفتقرون لكل مقومات الدعم ” .
لم يتوقف الأمر عند تحويل المدارس المؤهلة إلى ملاجئ، بل أن كثير من المدارس تم تدميرها بشكل كامل وتحولت لخراب و هذا ما شاهدناه في بلدة النيرب التي تقدر نسبة الدمار فيها ب ٧٠ بالمئة، حيث أن مدارس القرية دمرت بشكل كامل بسبب القصف من الطيران الحربي الروسي خلال الحملة الأخيرة على المنطقة في بداية هذا العام .
التقينا مع المهندس ” مالك حاج علي ” مدير مدرسة براعم الحرية في النيرب، و حدثنا عن دمار المدرسة و محاولته ترميمها عدة مرات دون جدوى و عن ضياع جيل كامل بسبب هذه الحرب و عدم احترام معايير حقوق التعليم و حقوق الإنسان فيها .
حيث قال ” تعرضت مدرستي لخمس غارات من الطيران في مناسبات متعددة في كل مرة كنت استدين و أعيد تأهيلها و إعادتها للتلاميذ، ولكن الدمار الذي حصل أخيرا و بعد احتلال النيرب من قبل النظام، تم تدمير المدرسة بنسبة 80 بالمئة، أصبح أمر ترميمها أمر مستحيل ” .
و ها هي المعلمة “هنادي” وهي معلمة في مدرسة براعم الحرية المدمرة تحدثنا أيضا عن نزوحها واضطرارها لترك مدرستها التي قضت خمس سنوات بين جنباتها بعد تحولها لخراب و دمار كامل، حيث قالت ” شيء مؤسف أن ترى مكان عملك ومكان مخصص لتعليم و تدريس الأطفال بتحول إلى خراب في ساعات و أنت الذي تملك أجمل الذكريات بين جنبات هذا المكان، اتطلع للعودة إلى مدرستي و طلابي بكل شوق “.
لا يوجد إحصائيات دقيقة حول نسبة المدارس المدمرة في محافظة إدلب إلا أن العدد كبير جدا كما يخبرنا ” عادل حديد ” مسؤول التعليم في إدلب، حيث قال ” حسب تقديرات مديريتنا فإن عدد المدارس المدمرة في المحافظة يفوق ال 500 مدرسة و خصوصا بعد الحملة الأخيرة التي خسر فيها المحرر سراقب و معرة النعمان وكفرنبل وغيرها، كما أن عدد المدارس التي تحولت لمراكز إيواء وملاجئ كبيرة جداً ” .
يبقى الطفل هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة المبنية على القصف و المجازر و الدمار، و خسارة جيل كامل سوف ينتهي به المطاف دون تعليم .
بقلم : ضياء عسود