شددت الولايات المتحدة وروسيا الأحد على ضرورة تجنب أي تأخير لبدء جولة المفاوضات المقررة الخميس في جنيف، بين طرفي النزاع في سوريا، في حين لم تؤكد المعارضة بعد مشاركتها فيها.
وشهدت المناطق التي تشملها الهدنة في سوريا الأحد يوماً هو الأكثر هدوءاً، منذ وقف الأعمال القتالية قبل تسعة أيام، فيما أعلن موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي مستورا السبت أن الجولة الثانية من المفاوضات السورية غير المباشرة ستبدأ عملياً في العاشر من الشهر الحالي في جنيف.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية أن اتصالاً هاتفياً جرى الأحد بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري “عبّرا خلاله عن تقييمهما المشترك الإيجابي، بشأن التقدم الفعلي المسجل بشأن وقف إطلاق النار على الأراضي السورية، والذي يتم التقيد به بشكل عام، ما أدى إلى تراجع كبير في نسبة العنف”.
وأضاف البيان أن الوزيرين “شددا أيضاً على ضرورة عدم السماح بحصول تأخير لبدء عملية المفاوضات بين السوريين”.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن أن “اليوم هو الأكثر هدوءاً في المناطق التي يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية منذ دخوله حيز التنفيذ ليل 27 شباط/فبراير”.
وتستثني الهدنة، بموجب اتفاق أميركي روسي، تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” ومجموعات “إرهابية” أخرى، لتقتصر المناطق المعنية على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوباً، وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي (وسط)، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي.
وأشار عبد الرحمن إلى اشتباكات محدودة في ريف اللاذقية الشمالي (غرب) حيث “جبهة النصرة” مع فصائل إسلامية ومقاتلة اخرى.
ويطرح استثناء “جبهة النصرة” صعوبات في توثيق الهدنة، كونها تتواجد في محافظات عدة، وغالباً في تحالفات مع فصائل مقاتلة معظمها إسلامية.
وبعد صباح هادىء بشكل استثنائي، أعلن المرصد مساء الأحد سقوط تسعة قتلى، على الأقل، في قصف استهدف حي الشيخ مقصود في حلب، الذي تسكنه غالبية كردية، قامت به “جبهة النصرة” وبعض الفصائل المقاتلة.
وأشار عبد الرحمن إلى “انخفاض الخسائر البشرية من مدنيين بنسبة تسعين في المئة، ومن مسلحين سواء عناصر من قوات النظام أو الفصائل المقاتلة بحوالى ثمانين في المئة”، مقارنة مع ما كانت تشهده سوريا قبل الهدنة.
ويتواصل القصف والمعارك في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، اذ تدور اشتباكات مع قوات النظام في محيط مدينتي تدمر والقريتين في ريف حمص الشرقي. كما تستهدف طائرات حربية مواقع الجهاديين في محافظة دير الزور (شرق) والواقعة تحت سيطرة التنظيم المتطرف.
وتشهد سوريا منذ حوالى خمس سنوات، نزاعاً أسفر عن مقتل ما يزيد عن 270 ألف شخص وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها ودمار هائل في البنية التحتية.
وباءت جهود دولية عدة لحل هذا النزاع بالفشل طوال تلك السنوات، إلا أن من شأن التطورات الأخيرة في الملفين العسكري والإنساني، أن تفتح الطريق أمام تقدم سياسي أيضاً.
وتضغط القوى الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة وروسيا، لإنجاح المفاوضات الجديدة، والتي تعقد بموجب قرار لمجلس الامن الدولي، ينص أيضاً على وقف لإطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً، من دون التطرق الى مصير الرئيس السوري.
جولة تفاوض جديدة
وبعد فشل الجولة الأولى في بداية شباط/فبراير في جنيف، أجبر دي ميستورا على تعليقها مرات عدة.
وتختلف الجولة الجديدة من المفاوضات عن مبادرات الحل السابقة بأنها تترافق مع اتفاق وقف الأعمال القتالية ومساعدات للمدنيين المحاصرين.
إلا أن “الهيئة العليا للمفاوضات”، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، والتي تشكلت في الرياض، لم تتخذ قرارها بالمشاركة حتى اللحظة.
وقال المتحدث باسمها منذر ماخوس السبت ل “فرانس برس″ إن “الهيئة لم تتخذ قراراً حتى الآن بشأن المشاركة” في المفاوضات المرتقبة، وهي “تنتظر حصول تقدم في الملف الإنساني، وفي احترام اتفاق وقف إطلاق النار (…) وما حصل حتى اليوم غير كاف لمشاركتنا، وفي حال حصول تقدم سنشارك بالتاكيد”.
وكانت الهيئة حضرت إلى الجولة الأولى للمشاركة في المحادثات وليس للتفاوض، على حد تعبيرها وقتها، إذ طالبت بتطبيق قرار مجلس الامن رقم 2254، الذي ينص على إيصال مساعدات إنسانية، وحماية المدنيين من القصف.
إلا أن دي ميستورا اعتبر أن “وقف العمليات القتالية هش، وليست هناك ضمانة بالنجاح، لكن هناك تقدماً وكان مرئياً ولا يمكن لأحد أن يشكك فيه. ويكفي أن تسأل السوريين، وسيقولون ذلك”.
وأكد أن الأمم المتحدة اوصلت خلال الفترة الأخيرة مساعدات إلى “115 الف شخص”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن العدد يبقى “غير كاف. لدينا أكثر من 300 ألف شخص آخرين”، ووعد بمواصلة إيصال المساعدات.
ويعيش حالياً، وفق الأمم المتحدة 486 ألف شخص في مناطق محاصرة في سوريا، كما يبلغ عدد السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول اليها 4,6 ملايين نسمة.
أ ف ب