عزيزي لا تهاجم الكاتب ، قبل أن تتم قراءة المقال !.! فالموضوع ليس جديداً أو بدعة .
فمن اللحظة الأولى لاندلاع الثورة ، تفرق الناس وباعوا أنفسهم في مزادات علنية وسرية مختلفة .
ولعلك ! إن استعرضت آراء الناس بحرية بعد هذه التجربة المريرة ، لوجدت جهة خلف كل فريق تدفعه وتدعمه .
فبعضهم و أرفعهم من باع نفسه لله ، وبدأ العمل وفق شريعته فما وافقها أتاه وما خالفها تركه ، وكانت السنوات الأربع كفيلة بتمييز هؤلاء ، وثباتهم على مواقفهم ، وعدم الالتفاف أو التخاذل حتى بلوغ غايتهم ، الشهادة (في سبيل الله ) أو السلطة ( الحكم وفق شريعته ) بما يملكون من قوة وما تتاح لهم من فرص ، مع الإقرار بالأخطاء والتراجع عنها إن أمكن لما تفرضه الأحداث والنوازل وغياب العلماء عن الساحة .
أما أنواع العمالة الأخرى ، فتتذبذب بحسب الدول أو المشاريع المعدة للمنطقة ، و تتجاذبها التحالفات الكبيرة وتتشتت وتتلاشى الصغيرة . فبعض الناس يتقمص ويحترف الدور التركي ، مقتنعا” به و يعمل لأجله ويرى الحق من خلاله .
و آخر يلعب لصالح السعودي أو القطري أو حتى الأمريكي أو الإنكليزي و الفرنسي و الألماني . فيظهر موقفه جلياً من طريقة تناوله للشأن السوري و مسبب الأزمة وصور الحل ومستقبل المنطقة . بينما يتأرجح أحياناً البعض كالمصري ، فلا يعرف أين يضع رأسه ، و يتغير بتغير الأشخاص و يكون حيث تكون مصلحته ، ومن يعطيه أكثر يقدم كامل الولاء له .
أو يغيب كالسوداني متحسسا” راسه . فالجميع هنا … عليه أن يختار أو أن يفر خلف البحار ، ليتجاوز رتبة العمالة ، و يسعى باللجوء للإقامة و الجنسية و الاندماج بشعوب الدول المستضيفة التي أبهرته بحضارتها. و قد أكره الكثير وأجبر على سلوك هذا الطريق الوحيد للبقاء أحياء .
أما في داخل البلاد فلا حياد لأن الأمر مختلف تماماً ! فعلى الجميع أن يختار و يصطف .
وإلا فهناك من سيختار له ويسوقه وفق هواه ، و يجبر على عمالة أقذر ، و من نوع آخر وسيحشر في طابور المجرمين بعد تجنيده الإجباري .
و سيستيقظ ليكتشف نفسه ، بطلا ممانعا” مقاوما” لكنه بالأصل عميلاً روسياً أو جنديا” إيرانياً ، تحت إمرة الولي الفقيه ، يقاتل ليحمي أضرحة وأحجار وخرق ، يدعي أسياده أن أهل البيت عليهم السلام مروا بالقرب منها ، يوم ظلمهم أهل هذه البلاد مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وقد طاب الانتقام من كل اهل الشام و نسلهم .
و قد يستيقظ مرة أخرى ليجد نفسه قد أتى بمن سيحتل أرضه و يحلل متعة عرضه ويشيع أطفاله ، خدمة لمشروع لن يدرك أبعاده بفكره المحدود وهمته التي لا تتجاوز الرغيف و شربة الماء و بعض الأمان الذي لطالما تغنوا به .
و يعايش من يغير و يبدل له دينه بالتدريج ، كما يهوى سيده ، ويقدم فوق كل هذا خمس ماله كرعبون محبة لقم ، ليساهم في أجرة جلده كل حين إن أخطأ أو تراجع أو حتى حدث نفسه بشيء منه . ولا أعلم أنهم سيتركونه يستيقظ مرة أخرى ، ليجد نفسه قد قدم بنات بلده وثرواتها كوجبات سريعة على موائد المتعة المنتنة ، كما حدث في حلب لدى عودة ذلك العصابات البربرية القذرة ، التي برهنت صحة النظرية و أظهرت لأهل تلك المناطق حقيقتها عندما دفعت رجالهم للجبهات واحتفظوا لنفسهم بالنساء كتعويض عن عودتهم لحضن الوطن .
فابحث صديقي عن عمالة ترفعك ، وفق الدين … أو وفق الأخلاق إن شئت … أو وفق صوت الحق الذي يصرخ بداخلك و داخلي ، ودع عنك التهم وما يقال عنك وعني . وارفع بعمالتك رأسك.
حليم العربي
المركز الصحفي السوري