إبراهيم الإسماعيل _ المركز الصحفي السوري
يصرخ والركام فوقه لم يخرج سوى رأسه من بين الركام الذي غطى باقي أجزاء جسده، ركام منزله الثقيل الذي أمضى عمره ببنائه وقطرات العرق روت كل قطعة حجر فيه ليرويها الآن بدمه الطاهر.
كان نائماً بأمان هو وابن عمه في منزله بريف إدلب الجنوبي، لتأتي طائرة روسية حاقدة وترمي حمولتها فوق المنزل وتدمره فوق رأسيهما، لم يكن هناك الكثير من الناس في البلدة التي جعل منها الأسد وحليفته روسيا بلدة خالية من كل شيء حتى من الحيوانات، ودمر عشرات المنازل، وهجر أهلها، بعد استهداف البلدة ومحيطها بعشرات الغارات الجوية وبمختلف الأسلحة من براميل متفجرة وألغام بحرية وقنابل عنقودية صواريخ فراغية وأخرى شديدة الانفجار.
أتى أحد أقاربه ليصرخ وينادي عليه وينادي إلى بعض الأشخاص المتواجدين في البلدة والذين أبوا أن يتركوا منازلهم، ليرد عليه وهو تحت الركام ” “مشان الله اتركني يا علي خليني موت معلش بس مصطفى لا يموت مشان الله اتركني، هلق كان عم يحكيني شوف مصطفى مصطفى ابن عمي لا يموت خليني موت أنا معلش”.
بهذه الكلمات صرخ علي ابن بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، الذي فضل إنقاذ روح ابن عمه على روحه، كلماته اختصرت معاناة لا توصف لا يعرفها سوا الشعب السوري الذي ذاق مرارتها، وتعود على رؤيتها يومياً في بلدات سوريا التي جعل منها النظام وحلفاءه بلدات مدمرة ومنها خالية من السكان ومنها لا تنعم بجزء من الأمان، حيث يستهدفها بشكل ممنهج.
بلدة معرة حرمة إحدى بلدات ريف إدلب الجنوبي التابعة إداريا لمدينة كفرنبل، والتي تعد من أولى بلدات ريف إدلب التي صرخت بوجه نظام الأسد، وصلّت صلاة الغائب على شهداء درعا الأطفال الذين قتلهم النظام، بعد كتاباتهم على جدران درعا عبارات ضد النظام الحاكم في سوريا في عام 2011، عانت البلدة منذ ذلك الوقت الكثير كباقي المدن السورية التي انتفضت بوجه الأسد، وقدمت مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين بسبب موقفها الرافض لحكم الأسد.
تعرضت البلدة خلال الأيام الماضية لأعنف الحملات العسكرية من قبل النظام وروسيا، والتي تعد أعنف حملة بتاريخ الثورة السورية.
رغم صغر البلدة تعرضت لقصف بمئات الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة المحرمة دولياً، التي أسفرت عن تهجير كافة سكان البلدة والنازحين إليها من مختلف المناطق كريف حماة وإدلب وباقي مناطق سوريا التي هجر النظام سكانها، ودمرت الغارات عشرات المنازل السكنية في البلدة بشكل كامل وتضررت معظم منازل البلدة نتيجة الحملة وقوة الصواريخ المستخدمة.
كما أسفرت الغارات الجوية عن استشهاد عدد من المدنيين وجرح آخرين، نتيجة الاستهداف المباشر للمنازل السكنية.
معرة حرمة كانت البلدة التي فتحت أبواب منازلها للنازحين والمهجرين منذ بداية الثورة وقدمت أرواح أبنائها بالدفاع عن الثورة وعن المناطق في أرياف حماة وحلب وإدلب واللاذقية، والذين يزيد عددهم عن مئتي شهيد، اليوم البلدة خاوية على عروشها، كأنها مدينة أشباح بفعل الغارات الكثيفة على أحيائها، فهل سيعود سكانها إليها أم أنها ستصبح كباقي المناطق التي بقيت خاوية حتى من الحيوانات، وأين الضامنين الأتراك الذين وقفوا موقف المتابع بصمت لما يحدث في المناطق المحررة ولم تحرك نقاطها العسكرية المنتشرة أي ساكن لا هي ولا قيادتها.
صور ومقاطع تظهر استهداف البلدة