وصفت صحيفة «إندبندنت» البريطانية استراتيجية بريطانيا العسكرية والسياسية تجاه سوريا بأنها مرتكزة على تفكير رغبوي ومعلومات غير مؤكدة، ورغم أن الضربات البريطانية في سوريا لن تحدث فرقا، فإنها تؤشر على دخول بريطانيا حربا طويلة الأمد.
وقالت الصحيفة إن نهج كاميرون تجاه سوريا يشبه ما شهدته البلاد عندما دخلت حربي أفغانستان والعراق، وفي كلتا الحالتين لم يكن هناك شريك محلي فعال على الأرض.
وأوضحت الصحيفة أن دخول بريطانيا الحرب في سوريا سيضعها تحت رحمة الأحداث التي يشكلها العديد من اللاعبين في الصراع، وجميعهم لهم أجندات شديدة التناقض.
وأشارت «إندبندنت» إلى أن الجدل حول جدوى استراتيجية بريطانيا ركز على تصريح رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، أن هناك حوالي 70 ألف مقاتل سوري من المعارضة لا ينتمون للمتشددين، بشكل أوحى بوجود قوة ثالثة على الأرض ستوفر حليفا قويا لفرنسا وأميركا وبريطانيا.
لكن البروفيسور جوشوا لانديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما قال إن فكرة وجود 70 ألف مقاتل معتدل هي محاولة للإيحاء بوجود إمكانية لشن حرب ضد تنظيم الدولة والأسد معا.
ويستبعد لانديس فكرة وجود هذا العدد من المقاتلين المعتدلين كقوة واحدة، لكنه يقر بأن هناك 70 ألفا يقاتلون بعضهم بعضا، وليس الأسد أو «الدولة».
ويهيمن تنظيم الدولة على أكبر عدد من المقاتلين المسلحين المناهضين لبشار الأسد، وهناك أيضا مجموعات مقاتلة صغيرة توصف بالمعتدلة يقدر عددها بـ1500، لكنها تعمل برخصة من الجهاديين.
يرى الباحث في الشأن السوري أيمن التميمي والمرجع فيما يتعلق بالمعارضة السورية أن هذه المجموعات التي توصف بالمعتدلة تعطي أرقاما مبالغا فيها بشأن مسلحيها، لكنها تتسم بالضعف، وأخفقت في تشكيل جبهة موحدة رغم سنوات من الحرب.
ويشير تميمي إلى إحدى المجموعات المقاتلة التي التقى بها خلال زيارة لمحافظة اللاذقية، والتي زعمت أن صفوف مقاتليها تصل إلى ألفين، لكنها في الحقيقة 500 فقط.
ويقول التميمي إن هناك مجموعات صغيرة معتدلة تلقت سلاحا أميركيا، لكنها تعمل تحت قيادة جبهة النصرة أو حركة أحرار الشام.
ويعتقد تميمي أنه حتى المجموعات المعتدلة التي ليس لها علاقة بالمتشددين لا تملك القوة لرفض التعاون معهم، وهذا الأمر سيصعب إقرار أي وقف لإطلاق النار، لأن تلك المجموعات المعتدلة وتلك التي لها استعداد لقبول هدنة، يمتزج مقاتلوها مع مقاتلي النصرة، التي سترفض أي هدنة.
أما الباحث والمؤلف في الشأن السوري جيمس هاركن، فرأى أن الأيدلوجية المتشددة تكتسب أرضا في كل المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المعارضة، وأن تلك المجموعات تعتبر فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أعداء لها.
وتحدثت الصحيفة عما تسمى بوحدات الحماية الشعبية الكردية ذات التوجه العلماني، وأشارت إلى أن تلك المجموعة أيضا تبالغ في قوة مسلحيها وتزعم بأنهم 50 ألفا، فيما هم في الحقيقة نصف ذلك الرقم.
وعلى هذا الأساس، تقول الصحيفة إن بريطانيا تدخل حربا ضد تنظيم الدولة، لكن دون أن تكون لديها سياسة واقعية تمكنها من الانتصار فيها.
وأضافت أنه رغم تشديد كاميرون على الطابع المحدود للمشاركة البريطانية في الحرب، فإن لندن ستحارب «الدولة الإسلامية» التي لا تتفاوض وربما تشن هجمات انتقامية داخل بريطانيا على غرار باريس.
وتعتقد الصحيفة أن بريطانيا تتوخى الحذر في حرب الدولة الإسلامية، لأن استراتيجية الخروج الوحيدة من تلك الحرب لا بد أن تكون نصرا عسكريا، وإلا ستكون هناك عواقب وخيمة.
ترجمة – صحيفة العرب