طالب الكاتب والمخرج السوري، “فؤاد حميرة”، أبناء طائفته العلوية بالابتعاد عن نظام بشار الأسد، والوقوف إلى جانب الثورة السورية، مؤكدا أن الثورة جاءت لتعيد للمواطن حقوقه، وأنها جاءت أساسا لخدمة العلويين وليست ضدهم.
جاء ذلك في حوار أجرته “الأناضول” مع “حميرة”، وهو رئيس تيار “غد سوريا” الذي اعتبر خلاله أن الفرصة لا تزال مواتية أمام العلويين لأن يقولوا “آسفون” بسبب دعهمهم للنظام، وأن يعودوا إلى أحضان الثورة.
وقال “حميرة”: “ما زال هناك متسع من الوقت ليقول العلويون: آسفون، سنترك النظام المستبد ونعود لأهلنا”.
وأضاف: “نحاول إقناعهم بالابتعاد عن نظام الأسد، ونحاول حث الناس على ترك النظام والسلاح، وتسليم أنفسهم لإخوتهم، والاعتذار لهم. لا يزال أمامنا ضربة جزاء ترجيحية، قد ينجح العلويون في إحراز هدف من خلالها”، معتبرا أن “موقفهم وإحساسهم بالمواطنة هو ما سيحميهم”.
الكاتب السوري نفى أن تكون هناك مشكلة طائفية بين السنة والعلويين في سوريا، متهما النظام بالسعي نحو إحداث شقاق بين مكونات الشعب.
وقال في هذا الصدد: “ولدت وعشت 50 عاما في دمشق (حيث غالبية السكان من السنة)، ولم أتعرض لمشكلة طائفية، وأولادي في دمشق لم يتعرضوا لمشاكل طائفية، بل تعرضت لمشاكل من أبناء طائفتي”.
وأضاف: “لم أسمع طيلة حياتي كلمة (علوي وسني) إلا بعد الثورة، عندما أراد النظام أن يحدث هذا الشرخ بين مكونات الشعب”.
واعتبر أن “الذي يحتاج لحماية وتطمينات، هو المكون الأساسي وهو السنة، الذين يشكلون 80% من المواطنين، ولا أطلب – بصفتي علويا – من أمريكا حمايتي من السني الذي تربيت معه، فهذا كلام يشعرني بالطعنة في وطني”.
واستطرد: “12 مليون سني (من أصل 23 مليون إجمالي عدد السوريين قبل الثورة) باتوا نازحين ولاجئين جراء تعرضهم للقصف والقتل والتدمير”.
وخاطب “حميرة” أبناء طائفته ناصحا إياهم بالوقوف مع الثورة السورية وليس ضدها، قائلا: “إخوتكم في الوطن ينتظرونكم أن تعودوا إلى شعوركم الوطني وإلى أيام صالح العلي (قائد ثوري علوي ضد الاحتلال الفرنسي) الذي قال: إذا تعرض السنة لخطر فكل سوريا بخطر، وإذا كنتم تريدون السلف الصالح، فصالح العلي، هو السلف الصالح”.
واعتبر أن الثورة جاءت لتعيد للمواطن حقوقه، مؤكدا أنها جاءت أساسا لخدمة للعلويين وليست ضدهم، و”لكن نريد فكرا علويا يستوعب هذه المقولة”، بحسب قوله.
وأكد أن “العلويين لم يعرفوا حتى الآن أنهم بيضة القبّان بتشكيل أي حكم قادم، فهم الطائفة الثانية، وبالتالي لن يكون هناك حكم إذا لم يرضوا عنه. لو أنهم فهموا المعادلة من الأساس، لكانوا تركوا بشار الأسد، فهذه الثورة لم تعاد العلويين”.
وعن أداء المعارضة السورية والانتقادات التي تطالها، قال “حميرة” إنه “ليس مع تطابق مواقف وسلوكيات فصائل المعارضة، فكل فصيل له وجهة نظر، وطروحاته ومشروعه، ولكن في النهاية يجب أن تصب كلها في مشروع واحد وهو إسقاط النظام، وبالتالي فإنه ليس مطلوبا من الجميع أن يتبنّوا مخططا وسلوكيات ورؤى واحدة للثورة”.
وأضاف موضحا: “قد نختلف من أجل مستقبل سوريا، لكن لا يجب أن نكون متطرفين في كل شيء، المطلوب هو التركيز على الهدف الأسمى، وهو: إسقاط النظام، والتخلص من الديكتاتورية”.
وفي رده على سؤال بشأن استغلال الغرب لخلافات المعارضة واتهامها بالتشرذم، أجاب “حميرة”: “الغرب إن لم يجد هذه الحجة فسيجد حججا أخرى؛ فهو حريص على أن تطول المسافة الزمنية للثورة، وأن يدوم الاختلاف بين مكونات الشعب السوري. لو أراد الغرب إسقاط النظام، لكان قد سقط منذ الأشهر الأولى للثورة؛ حيث كانت أساسا سلمية، وأهدافها وتطلعاتها بعيدة عن أي تطرف”.
وأضاف: “الغرب يعرف تماما أن بشار الأسد هو الجاذب والمغناطيس لكل أنواع التطرف إلى سوريا، وهو صانع تنظيم داعش، وقالها الأسد منذ بداية الثورة بأن كل هذا التطرف سينتقل إلى أوروبا (…) كل التفجيرات التي تحصل خلفها نظام الأسد ومخابراته، وتستهدف أوروبا لتغير من مواقفها، وليسوّغ نفسه كحليف أول، ومدافع ضد التطرف”.
ولتحسين أدائها، رأى الكاتب السوري أن على “المعارضة السياسية أن تشكل غطاءً سياسيا لتحركات الثوار على الأرض مهما كان هذا التحرك، ومهمتنا دراسة التحولات، ويجب أن نقتنع بأن التطرف مرحلي وآني، وأنه مسألة طارئة على الحياة السورية”.
وأضاف موضحا في هذا الصدد: “نحن في حالة حرب، هل تريد من الناس أن تحمل الورود، ونحن نتعرض للقصف بالبراميل وصواريخ سكود التي لم يطلقها الأسد على إسرائيل، بل أطلقها على المدن والقرى، ونتعرض للقصف بالأسلحة الكيمياوية والبالستية؟”.
“حميرة”، الذي سبق أن أخرج أعمالا فنية بارزة، انتقد أداء المعارضة من الناحية الفنية والثقافية، وقال: “للأسف، حتى الآن لم نلمس محاولات فنية ترقى لمستوى الحدث”، معتبرا أن “فن المعارضة مقصّر عن متابعة التطورات والتحولات السريعة التي تطرأ على الشعب السوري عموما، والثورة خصوصا”.
وبرّر ذلك بالقول: “نحتاج إلى تمويل ودعم، ربما هناك مقولات بأننا بحاجة لأولوية الرصاصة (في إشارة إلى العمل المسلح)، لكن المعركة مع النظام معركة فكرية ثقافية فنية اقتصادية، من كل النواحي، النظام يحاربنا بكل الوسائل من خلال مسلسلاته في شهر رمضان، والأغاني أيضا”.
وفي الإطار نفسه، كشف أنهم “في تيار غد سوريا، يفكرون بإقامة مهرجان مسرحي في تركيا وأوروبا يتحدث عن الثورة”، فضلاً عن سعيه لتنظيم مهرجان مسرحي بهذا الخصوص في مدينة إسطنبول بحضور لجان تحكيم “لإبراز دور الفن المسرحي في مواكبة الثورة، والوجع السوري في المرحلة الراهنة”، لافتا إلى أن “العمل على المهرجان يحتاج إلى 4 أشهر، وربما تكون انطلاقته في ذكرى الثورة” آذار/ مارس المقبل.
وتأسس تيار “غد سوريا” في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي على يد معارضين سوريين علويين، ويهدف، بحسب مؤسسيه، إلى أن يكون رافدًا جديدًا للمعارضة السورية، وأن يكون مفتوحا أمام كافة المكونات.
ويعتبر “فؤاد حميرة” من أبرز الكتاب في السنوات العشر الأخيرة في سوريا، وانتقل للكتابة بعدما عمل في مجال الإعلام، وأنهى دراسته الجامعية في الفرع نفسه، وهو من مواليد عام 1966 في مدينة دمشق.
عربي 21 – الاناضول