كاتبان أمريكيان: لا مفر من تدخل عسكري أمريكي في سوريا

حض الباحثان جون ألن وتشارلز ليستر، في مقال للرأي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، على إنقاذ مصداقية الولايات المتحدة، بصفتها قائدة العالم والمدافعة عن الحرية، من الدمار المروع في سوريا، لافتين إلى أن الوقت لم ينفذ بعد لفرض القانون والأعراف الدولية على بشار الأسد ومؤيديه؛ ولا يمكن انتظار الإدارة الجديدة في واشنطن مع تسارع الأحداث على نحو مفزع، ومؤكدين أن الأسد لا يمكن أن يكون شريكاً في حل الأزمة السورية.
واستهل الباحثان مقالهما الذي ترجمه موقع 24، بالإشارة إلى أن الحكومة السورية عمدت على مدار خمسة أعوام ونصف العام إلى تعذيب وقصف شعبها، ورغم ذلك أفلتت من العقاب، وتسببت بخسائر بشرية واضحة للجميع (ما يقرب من نصف مليون قتيل و11 مليون نازح). ومع التدخل العسكري الروسي الذي بدأ العام الماضي، ساءت الأوضاع إلى حد كبير وبات أكثر من مليون شخص يعيشون تحت الحصار في 40 منطقة بسوريا (تفرض القوات الموالية للحكومة السورية الحصار على 37 منطقة من تلك المناطق).

وحشية القرون الوسطى
ولفت ألن وليستر إلى أن الأسد لم يكتف بإخضاع شعبه لوحشية القرون الوسطى، وإنما عمد إلى تخريب المبادرات الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق الهدوء الدائم لبلاده، ولم يكن الأسد وحده المسؤول عن إخفاق الخطة الدبلوماسية الأخيرة، ولكن روسيا أيضاً ساعدت في ذلك حينما استهدفت غاراتها الجوية قافلة المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في هجوم شرس استمر قرابة ساعتين خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويضيف الكاتبان: “ومنذ ذلك الوقت، قتل وجرح ما لا يقل عنق 2500 شخص في المناطق الشرقية لمدينة حلب من جراء القصف البشع للطائرات السورية والروسية، واعترضت روسيا على نحو ساخر على قرار الأمم المتحدة الذي من شأنه أن يحظر المزيد من الضربات الجوية في حلب”.

محاسبة الأسد ومؤيديه قبل فوات الأوان
ويرى الكاتبان أن الوقت حان لكي تتصرف الولايات المتحدة على نحو أكثر إيجابية إزاء سوريا من أجل تحقيق أربعة أهداف مبررة؛ أولها، وضع حد لعمليات القتل الجماعي للمدنيين، وثانيها، حماية ما تبقى من قوات المعارضة المعتدلة، وثالثها، تقويض الروايات المتطرفة حول لامبالاة الغرب بالظلم الذي يتعرض إليه الشعب السوري، ورابعها، إجبار بشار الأسد على التفاوض.
ويضيف الكاتبان: “لا ينبغي أن تشترك الولايات المتحدة في عملية تغيير النظام، وإنما عليها تقديم زمرة الأسد ومؤيديه للمحاسبة قبل فوات الأوان، إذ لن يغفر لنا العالم هذا التقاعس”.

عواقب تقاعس الولايات المتحدة
ويحذر الكاتبان من العواقب المروعة لاستمرار ذلك التقاعس، وخصوصاً أن سياسة الولايات المتحدة لم تسع أبداً للتأثير بشكل حاسم على الوضع التكتيكي للمعركة على الأرض. وعلاوة على ذلك، فإن القيود غير الواقعية على التدقيق (بالمقاتلين) واتباع سياسة منع تسليح جماعات المعارضة لمحاربة نظام الأسد، كلها أمور جعلت الولايات المتحدة غير قادرة على محاربة داعش بفاعلية أو حتى زحزحة الأسد نحو انتقال السلطة. كذلك، تعاني الاستراتيجية الأمريكية إزاء سوريا من تفكك هائل يتمثل في كونها تركز عسكرياً على إحدى المجموعات التي كانت من أعراض الحرب الأهلية، وفي الوقت نفسه تفتقر إلى وجود أي وسائل لتحقيق هدفها السياسي المعلن وهو رحيل الأسد.

ثغرة في الإستراتيجية الأمريكية
ويلفت الكاتبان إلى أن معالجة تلك الثغرة في الإستراتيجية الأمريكية كان من الممكن أن تتم من خلال برنامج شامل لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة من أجل محاربة داعش ومقاومة قوات النظام بشكل حاسم، ولكن للأسف سمحت الولايات المتحدة بأن تتعرض قوات المعارضة السورية المعتدلة للهجوم المتواصل من قبل نظام الأسد وروسيا.
وينوه الكاتبان إلى أن روسيا وحلفاءها قد دفعوا بالبعد العسكري للأزمة لتعزيز الموقف السياسي لنظام بشار الأسد، واستخدموا ذريعة محاربة الإرهاب للقضاء على المعارضة المعتدلة، وعلاوة على ذلك أساءت الإدارة الأمريكية فهم حسابات روسيا وإصرارها على حماية مصالحها بأي وسيلة (بما في ذلك قصف المدنيين وقوافل المساعدات الإنسانية)، وكذلك لم تسقط روسيا في “مستنقع” سوريا وفقاً للتوقعات، والأدهى من ذلك أنها أظهرت مهارة فائقة في القتال تحت الشدائد، ويتصاعد دور روسيا في أوكرانيا وعلى طول حدود حلف الناتو وفي سوريا وحتى في ليبيا، ولاشك في أن تحسين العلاقات ما بين روسيا وتركيا وغيرها من الدول يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة.

تصعيد الصراع
ويقول الكاتبان: “في نهاية المطاف، ليس أمامنا سوى خيارين: أولهما أنه يجب على الولايات المتحدة تشجيع حلفائها الأوروبين والانضمام إليهم في فرض مجموعة تصعيدية من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا وكذلك الهيئات والأفراد التي تدعم أنشتطتها العسكرية وشبه العسكرية في سوريا وأوكرانيا وغيرها من الأماكن”.
أما الخيار الآخر، فهو ما يعتقد الروس أن الولايات المتحدة لن تفعله أبداً، بمعني “تصعيد الصراع”، إذ يقترح الكاتبان أن على الولايات المتحدة أن تتحدى الوضع الراهن وتضع حداً لجرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأسد ولو بالقوة إذا لزم الأمر.

إنقاذ حلب
ويضيف الكاتبان: “يجب أن تبدأ الولايات المتحدة بإنقاذ حلب؛ لاسيما أن دمشق وموسكو وطهران يدمرون المدينة استعداداً لشن هجوم بري، وحسبما أفادت تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA والبنتاغون فإن خسارة المعارضة في حلب من شأنه أن يقوض بشدة أهداف الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بسوريا، فضلاً عن أن القيمة الإستراتيجية لهذه المدينة لا مثيل لها والسماح بسقوطها سوف يقود إلى تمكين الروايات المتطرفة التي تتعلق بأن الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة تجني ثمار تقاعسنا”.
وفي سبيل إنقاذ حلب، يدعو المقال الولايات المتحدة وحلفاءها إلى تسليح المعارضة المعتدلة وتزويدها بوسائل قصف المطارات العسكرية للنظام السوري، وكذلك استخدام الآليات المتعددة الطرف للضغط لوقف أعمال القتال في سوريا والتهديد بعمليات عسكرية ضد البنية التحتية العسكرية لنظام الأسد، حال انتهاك اتفاقات الهدنة، من قبل الولايات المتحدة وتحالف يتم تشكيله من الدول الراغبة في ذلك.

الأسد لن يكون شريكاً في حل الأزمة
ويبرز المقال في الختام أهمية إنقاذ صدقية الولايات المتحدة، بصفتها قائدة العالم والمدافعة عن الحرية، من الدمار المروع في سوريا، حيث أن الوقت لم ينفذ بعد لفرض القانون والأعراف الدولية على بشار الأسد ومؤيديه. ويخلص الكاتبان إلى أنه لا يمكن انتظار الإدارة الجديدة في واشنطن مع تسارع الأحداث على نحو مفزع، كما أن الأسد لا يمكن أن يكون شريكاً في حل الأزمة السورية؛ وبخاصة لأنه غير مؤهل لمكافحة الإرهاب بعد أن أمضى الكثير من السنوات ال16 الماضية في مساعدة تنظيم القاعدة والتواطؤ معه، وكذلك داعش على ما يبدو. وعلى الرغم من أن أي تحرك ينطوي بالتأكيد على المخاطر، فإنه لا مفر من تدخل الولايات المتحدة.

الجزيرة اون لاين

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist