تختلف العادات والتقاليد والقيم التي تربى عليها السوريون في موطنهم قبل نزوحهم وتهجيرهم قسرياً بفعل آلة حرب النظام، ليواجهوا واقعاً لأنماط حياة غير معتادين عليها.
عبد الله شاب ثلاثيني متزوج ولديه طفلان، تربى ضمن عائلة محافظة أو بالأحرى تشّرب القيم السورية الأصيلة منذ نعومة أطفاله من مساعدة الكبير والرفق بهم وعدم مزاحمته النساء في دوائر الجامعات والأسواق لأخذ حريتهن دون أي مضايقة.
يعبر عبد الله عن الواقع الذي حاول التعايش به رغماً عنه في ازمير الساحلية كما يصف لأجل تأمين لقمة عيش كريمة وحلال لأولاده الثلاث، يقول بكل انكسار وتألم ” أنا بفيق قبل الفجر والدنيا لساتا عتمة مشان لحق أوصل على الوقت للشغل يلي بدو مسافة ساعة كاملة والله لا يوريك هالساعة هاي قد الشغل كلو”.
وعند طرح السؤال أين الصعوبة في الأمر يصف ” مجبر إني إطلع بالسرافيس الزغيرة “دولمش” وطبعاً أكون عم استنى بالبرد والهوا يلي يقص المسمار حتى يشرف شي واحد، ويكون أصلا مافي مكان ولا راكب الناس الواقفة قد يلي قاعدة بالكراسي مرتين!!.
يتعجب عبد الله عند صعوده ويحاول البقاء قريباً من السائق الذي يشبهه بالتمساح والنهم الذي يولي بالاً أنه يحمل بشرا وليس دواباً فهو غير أنه يكدس الناس فوق بعضهم البعض يلجأ للقيادة بسرعة كبيرة لتجد الناس يرتطم بعضهم ببعض، وأكثر ما يؤلمه حسبما يقول” أن البنات والنساء بدن يركبن وسط التزاحم والتكدس بين شباب بعضهم نظراتهم خبيثة مبينة” يبدو أن شهامة عبد الله للحفاظ على قيمه تدفعه لبعض الأحيان أن يبعد عنهن شر ضعاف النفوس للصعود وسط التدافع وأن يقع في مشاحنات يقطعها توقف السرفيس لزج ركاب آخرين.
يقول عبد الله أنه في سوريا كنا لا نرضى لأنفسنا أن نركب نحن الشباب في السرافيس إن كان مزدحما فكيف بالفتيات والنساء، حتى أن السائق لديه بعض الحس أحيانا عندما يؤشر بشبك يديه دلالة على امتلاء المقاعد ولا يسمح بأن تبقى امرأة أو فتاة واقفة هذا عيب وعيب كبير علينا، لتتغير الصورة المخالفة تماماً لما عاشه.
يعبر عبد الله عن مشاهد مخزية تحصل أحياناً عندما تتعرض بعض الفتيات للتحرش داخل السرفيس ويستغرب من صمت الجميع المقيت فالكل لا يعنيه ما يحصل لكنهم لا يعرفون إن كانت إحدى قريباتهم يتعرضن لنفس المضايقة في ركوب السرافيس في مناطق أخرى قريبة منهم أثناء ذهابهن إلى التسوق أو مراكز للعلاج.
يتمنى عبد الله اندحار النظام والعودة إلى بلدته بريف حلب لزراعة أرضه وأن يعيش بجده وتعبه من خيراتها دون العناء الذي يعانيه في السرافيس والعمل الطويل الذي لا يقارن بالأجر المتدني جداً.
قصة خبرية /طارق الجاسم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع