يمتدّ طابور الشاحنات المحمّلة بمادّة القمح على طول النّظر حتّى يظنّ النّاظر أنّ تحديد نهاية خط الشاحنات شبيه بالمستحيل.
كيف يُشرع النظام السوري السيطرة على الأملاك
تداول روّاد مواقع التّواصل الاجتماعيّ يوم أمس الخميس 14 كانون الثاني/يناير صوراً لطابور طويل من الشاحنات التي قدمت من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهي محمّلة بمادّة القمح، تنتظر دورها للسّماح لها بالعبور إلى محافظة حلب عبر معبر الطبقة الذي تسيطر عليه قوّات الفرقة الرّابعة. علما أن قوات “قسد” تساند النظام وتمدّه بالقمح والنفط رغم الحرب القائمة بين الطرفين.
وبحسب المصادر فإنّ الشاحنات تنتظر منذ أيام عدّة للسماح لها بالدخول إلى محافظة حلب، على الرغم من عدم توفّر القمح والطحين فيها، علما أنّ حلب هي التي توزع الطحين إلى محافظات اللاذقية، وطرطوس، ودمشق، ودرعا، ودير الزور.
ويرى نشطاء أنّ السّببَ الرئيسي لتوقف تلك الشاحنات على طول الطريق فرضُ عناصر الفرقة الرابعة التابعة لشقيق رأس النظام “ماهر الأسد” أتاواتٍ على سائقي الشاحنات والتّجار للسماح لهم بالمرور، رغم أنّ القمح سيذهب إلى مناطق نفوذ النظام الذي لا يستطيع ردعهم، أو منعهم من التّسلط على أهالي المنطقة وامتلاك الطرقات. والجدير بالذكر أن بعض السوريين يعدّون عناصر الفرقة الرابعة بمثابة فرق سرايا الدفاع سابقاً.
والسؤال: هل يجبر عناصرُ الفرقة الرابعة النظامَ على غضّ الطرف عن تعنتهم وممارساتهم بحقّ المدنيين دون رضاه، أم أنّه راضٍ عمّا يفعله هؤلاء العناصر؟ ولا سيما أنّ النظام السوري بات ينقسم إلى شطرين، الأول يميل إلى إيران ويتلقى دعماً منها، والآخر يميل إلى روسيا التي تدعمه وتسانده، وربّما تصل الأمور بين الطرفين إلى اقتتال دامٍ يكون الخاسر الأكبر فيه هم الأهالي.
وفي سياق متّصل أغلق النّظام العديد من الأفران في المحافظات السورية كالسويداء التي أصبح عدد أفرانها أقلّ من عدد أصابع اليد، ودرعا، وحمص، وريف دمشق بحجة عدم توفّر مادّة الطحين لعمل الأفران، مما سبّب ارتفاع سعر الخبز بشكل كبير، هذا إن توفّر.
لا يهتمّ عناصر الفرقة الرابعة أو عناصر النظام ومسؤولوه وأصحاب القرار في سلطته بأمر أفراد الشعب، وما يلحق بهم من مساوئ، أو بحجم معاناتهم في البرد وتحت المطر، يصطفون طوابير لساعات طويلة، يمزجون الليل بالنهار في سبيل تأمين ربطة خبز، بينما يكون همّ النّظام الوحيد تحصيل الأموال وفرض الأتاوات.
فالفرقة الرّابعة أصبحت كابوساً يخيّم على نفوس الأهالي القاطنين في مناطق دير الزّور، والرقة، وريف حلب، ولا يزال يذكر أفراد تلك المناطق أتاوات عناصر الفرقة تحت مسميات مختلفة كعيدية، ومساعدة، وحق الطريق، وغيرها من المسميات.
لا يكفي المواطن في مناطق سيطرة النّظام معاناته ومعاركته أصناف القهر والذّل على الطوابير لتأمين احتياجاته فقط، بل تأتيه الأتاوات التي يفرضها عناصر النّظام بمعرفته وغضه الطرف عنهم من كلّ حدب وصوب.
محمد المعري
المركز الصحفي السوري