الكيان الصهيوني بقيادة نتانياهو مستمر في ترتيباته لإلغاء هوية الجولان العربية، ولن يتراجع عن ذلك، ما لم يتم ردعه، وإلزامه بالتمسك بالقرارات الدولية
أدانت جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي تصريحات رئيس حكومة العدو الصهيوني، بنيامين نتانياهو ببقاء هضبة الجولان تحت سيطرة إسرائيل إلى الأبد، واعتبرت عقد جلسة للحكومة الإسرائيلية فوق أراضي الجولان المحتل، عملا استفزازيا، ويعبر عن استمرار النزعة العنصرية التوسعية لدى العدو.
ولم يكن لنتانياهو أو غيره، من القيادات الصهيونية، أن يقدم على خطواته هذه في ظل تماسك الأنظمة العربية، وقيام الحد الأدنى من التنسيق بين الحكومات العربية. ولذلك يأتي تثمين موقف الجامعة، وأيضا موقف الاتحاد الأوروبي.
لقد اتفق المجتمع الدولي بأسره على اعتبار الأراضي العربية التي احتلها الجيش الإسرائيلي في الحرب التي شنها في يونيو 1967، ومن ضمنها هضبة الجولان، أراضي محتلة. وصدر قرار عن مجلس الأمن الدولي رقم 242 في نوفمبر 1967،
واعتُبر هذا القرار، منذ ذلك التاريخ قاعدة أساسية، لتسوية ما بات معروفا بأزمة الشرق الأوسط.
ويشير الدكتور محمد رياض، الذي شعل منصب وزير الخارجية في مصر، ولاحقا الأمين العام لجامعة الدول العربية، والذي كان يقود الوفد المصري، في اجتماعات مجلس الأمن الدولي أثناء صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، إلى أن القرار هو في الأساس مشروع تقدم به وزير الخارجية البريطاني اللورد كارادون، وأنه استفسر منه عن القرار، وهل يؤكد على شمولية الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي التي احتلت في حرب يونيو، فأكد له ذلك، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال ستنسحب إلى ما قبل حدود الخامس من يونيو 1967.
وفي الاجتماع الذي صدر فيه القرار، طالب مندوب الهند وإثيوبيا واليابان، التأكيد على أن القرار يشمل كل الأراضي العربية المحتلة، فجرى تأكيد المندوبين الأميركي والبريطاني على ذلك. وصدر القرار مشيرا في فقرته الأولى، إلى أن مجلس الأمن يؤكد على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب، والحاجة إلى العمل لأجل سلام دائم. وإذ يؤكد أيضا على أن جميع الدول الأعضاء عندما قبلت بميثاق الأمم المتحدة، قد التزمت بالعمل وفقا للمادة الثانية من الميثاق.
وفيما يتعلق بالانسحاب، أشار القرار في فقرة “أ” من المادة الأولى، انسحاب إسرائيل من أراض احتلتها في النزاع الأخير. والفقرة “ب” تأكيد على إنهاء جميع حالات الحرب أو الادعاء بها، واحترام الاعتراف بالسيادة، والاستقلال السياسي لكل دول المنطقة.
وهكذا فإن نتانياهو باستخدامه الغطرسة ولغة القوة، يتحدى الإرادة الدولية، وقرارات مجلس الأمن المتكررة، حيال الهضبة خاصة، والقرارات الأخرى، المتعلقة بعدم جواز العبث بالأراضي المحتلة، وبشكل خاص قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242، 338.
لقد رفض الكيان الصهيوني الانصياع لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242. ولذلك، ومن أجل تحرير هذه الأراضي، شنت مصر وسورية، وخلفهما الأمة العربية بأسرها، معركة العبور في السادس من أكتوبر عام 1967. وصدر إثر وقف إطلاق النار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 338، معيدا التأكيد على تطبيق نصوص القرار 242، وأهمية قيام سلام عادل بين جميع دول المنطقة، وطالب بانعقاد مؤتمر دولي للسلام بالشرق الأوسط، يعقد في جنيف.
جرى تحرك أميركي مكثف، قاده هنري كيسنجر مستشار الرئيس الأميركي نيكسون لشؤون الأمن القومي آنذاك، وعقدت قريبا من مدينة السويس محادثات الكيلو 101 بين قيادات عسكرية مصرية وإسرائيلية، لفك الارتباط بين الجيوش المتقاتلة على الجبهة المصرية. ونجح كيسنجر في تحقيق فكي ارتباط على الجبهة المصرية- الإسرائيلية، وفك ارتباط واحد على الجبهة السورية.
كسرت معركة أكتوبر خرافة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وتمكن الجيش المصري، من عبور الضفة الغربية للقناة، إلى الضفة الشرقية، بشكل فاجأ العالم. كما تمكن الجيش العربي السوري، من تحرير مدينة القنيطرة المحتلة، في مرتفعات الجولان.
وكان توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بين مصر وإسرائيل، إيذانا بتفرد الكيان الغاصب ببقية الجبهات العربية، ولم يكن نصيب الجولان من ذلك بالقليل. فقد أعلنت حكومة مناحيم بيجن عام 1981، ضم هضبة الجولان وتطبيق القوانين الإسرائيلية بحقها. وصدر في حينه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لسنة 1981، رفض القرار الإسرائيلي، وطالب حكومة بيجن، بعدم المساس بالشكل القانوني للهضبة.
وإثر إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش الأب في مطلع التسعينات من القرن الماضي، انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، شاركت سورية في المؤتمر، على قاعدة انسحاب إسرائيل الكامل من هضبة الجولان. وجرت مفاوضات بين ممثلين عن الحكومتين السورية والإسرائيلية، أثناء رئاسة إسحق رابين للحكومة الإسرائيلية، واقترب الفريقان من التوصل إلى اتفاق حول انسحاب إسرائيلي كامل من الهضبة.
ووفقا لمذكرات نائب رئيس الجمهورية السوري، فاروق الشرع، تحت عنوان الرواية المفقودة، فقد تركزت نقطة الخلاف بين الوفدين، حول مطالبة سورية بالوصول إلى بحيرة طبرية، وفقا للحدود الدولية السورية لعام 1923، بينما تمسك الوفد الإسرائيلي بحدود الخامس من يونيو7، ويشار إلى أن رابين وافق شفاهة لاحقا على المطلب السوري، وأبلغ الأميركيين بذلك، فيما صار يعرف الآن بوديعة رابين. وتوقفت المفاوضات، لكن الشعب السوري، ظل رافضا للتفريط في حقوقه.
لقد أعرب أعضاء مجلس الأمن عن “قلقهم إزاء تصريحات نتانياهو، وأكدوا أن وضع الجولان يبقى دون تغيير”.
أكد المندوب الصيني أن قرار إسرائيل “فرض قوانينها وولايتها القضائية ونظامها الإداري على هضبة الجولان المحتلة باطل ولاغ، وليس له أي أثر بموجب القانون الدولي”. لكن الكيان الصهيوني مستمر في ترتيباته، لإلغاء هوية الجولان العربية، ولن يتراجع عن ذلك، ما لم يتم ردعه. وإلزام العدو بالتمسك بالقرارات الدولية، وحق الشعوب في تقرير المصير.
الوطن السعودية