استطاع أحد مستخدمي موقع “ريديت” لمشاركة الأخبار والتواصل الاجتماعي، ابتكار طريقة ذكية مستخدماً صوراً لحصّالات الأطفال وخزائن وصورة لأم غاضبة، بهدف توضيح بعض الأمور المتعلقة بوثائق بنما، ومتى يحمل استخدامنا للمعاملات البنكية الخارجية نية خبيثة.
في ظل ما يشهده العالم مؤخراً بعد تسريب وثائق بنما، وما تبعه ذلك من الكشف عن العالم المظلم للمعاملات البنكية الخارجية بكل تفاصيلها الهامة والمتسارعة. فإننا نتساءل كيف يمكننا شرح الأمر ببساطة؟ وكيف يمكننا توضيح أن استخدام المعاملات البنكية الخارجية أمرٌ جيدٌ في بعض الأحيان؟ استطاع أحد مستخدمي موقع “ريديت” وهو يحمل اسم “دان جليساك” من ابتكار طريقة رائعة لشرح التعقيدات التي تحملها القضية بطريقة لطيفة تشبه قصص الأطفال، حيث يهدف من خلال ذلك إلى شرح القضية لطفل عمره 5 أعوام، أو ربما أكبر من ذلك بقليل.
عندما تحصل على نقود فأنت تضعها في حصّالتك، ثم تضع حصّالتك على أحد الأرفف بخزانة ملابسك. في المقابل، تعلم والدتك بهذا الأمر وهي تتأكد من وجودها بين الحين والآخر. لذلك هي تعرف متى تضع نقودك ومتى تنفقها.
إلا أنك قررت في يوم ما قراراً وقلت “لا أريد أن تعرف والدتي شيئاً عن نقودي”؛ لذا ذهبت إلى منزل “جوني” ومعك حصّالة أخرى، غير التي تمتلكها في منزلك، ثم قررت أنك ستضع الحصّالة الجديدة في غرفته. فكتبت اسمك عليها ووضعتها في خزانته. أما والدة “جوني” فهي دائماً مشغولة ولا تمتلك الوقت الكافي لفحص حصّالته، فيمكنك الإبقاء على حصّالتك هناك وسيبقى الأمر سراً.
يعتقد كل الأطفال في منطقتك أن تلك الفكرة رائعة، فيهرعون جميعاً إلى منزل “جوني” وكل منهم يحمل حصّالة إضافية غير حصّالته الأصلية- مثلك تماماً. والآن أصبحت خزانة “جوني” ممتلئة بحصّالات أطفال المنطقة التي تعيشون فيها.
في يوم من الأيام كانت والدة “جوني” تلقي نظرة على خزانة ابنها، وعندما وجدت كل تلك الحصّالات غضبت بشدة واستدعت آباء كل الأطفال الذين احتفضوا بحصّالاتهم عند “جوني” وأرادت أن يعرفوا ما فعله الأبناء.
والآن علينا أن نعرف أن ليس جميعهم فعل ذلك لأسباب تحمل نوايا سيئة.
فمثلا “إريك” فعل ذلك لأن أخاه الأكبر دائماً يسرق من حصّالته، لذلك أراد “إريك” أن يجد مكاناً ليخفي فيه أمواله. أما “تامي” فأرادت أن تبتاع هدية لوالدتها دون أن تخبرها بذلك. وأيضاً “جون” لم يفعل ذلك إلا من باب المرح.
بيد أن بعض الأطفال فعلوا ذلك لهدف غير نبيل.
فمثلاً “إليزابيث” كانت تسرق أموال الغداء التي يمتلكها الأشخاص ولم ترد أن تكتشف والدتها ذلك. و”ريس” كان يسرق النقود من محفظة والدته. أما “بوبي” فقد وضع له أبواه نظاماً غذائياً ولم يرد أن يكتشفوا أنه يشتري الحلوى من وراء ظهرهما.
والآن يمكننا الإسقاط على ما حدث في أرض الواقع، فكثير من الأشخاص ذوو النفوذ كشفت التسريبات أنهم كانوا يخفون حصالاتهم بمنزل “جوني” في بنما، وأن أمهاتهم اكتشفوا الأمر. وقريباً جداً سنعرف مَن مِن ضمن هؤلاء الأشخاص ذوي النفوذ فعل ذلك لأهداف نبيلة، ومن فعلها لأهداف خبيثة. بيد أنهم جميعاً في مشكلة حقيقية بغض النظر عن تلك النوايا.
إنها مقاربة رائعة
وما يفيدنا في هذا الأمر هي النتيجة التي توصلنا إليها في النهاية، التي تقول إنه ليس كل شخص من هؤلاء يخفي أمواله لأهداف خبيثة. وقد استطاع موقع Fusion الأميركي، خلال تغطيته لتسريبات وثائق بنما، من التوصل لقائمة من الأسباب التي قد تدفع الأشخاص نحو اللجوء إلى إنشاء شركات وهمية خارجية.
بعض الأسباب القانونية:
– المحافظة على أسرار المعاملات التجارية: حيث يمكن للشخص إنشاؤها بهدف منع المنافسين من معرفة أنه يستثمر من أجل إنشاء خط إنتاج جديد.
– تجنب عمليات النصب: قد يلجأ بعض الموردين، مثل الفنادق والمطابخ، إلى هذا الأمر عندما يتعاملون مع شركة كبيرة أو شخصية معروفة حتى يتجنبوا عمليات النصب.
– تأمين نفسك: إن كنت تقدم خدمات مثل الترجمة لهيئة عسكرية أو دبلوماسية أجنبية في منطقة حروب، فربما من الأفضل أن تجعل هذا الأمر سرًّا لا يمكن تعقبه.
بعض الأسباب التي تبدو غير قانونية:
– عندما يبدو في الأفق صراع غير معلن حول المصالح، مثلما حدث مع رئيس الوزراء الآيسلندي.
– عندما تُسجل الشركة الوهمية في الوقت الذي تواجه فيه البلد التي تترأسها خطراً عسكرياً.
– عندما تكون رئيس وزراء بريطانيا وينطق لسانك علانية أن التهرب الضريبي يعد “خطأً من الناحية الأخلاقية”، بينما تدير عائلتك شركة وهمية خارجية ساعدتهم على تجنب دفع جنيه واحد لمصلحة الضرائب.
– عندما يُظهِر الأمر أن الشركة التي تمتلكها ربما ساعدت حكاماً ديكتاتوريين على شراء الأسلحة.
ومع هذا فلسنا على يقين بأنك ستجد طريقة لشرح تلك الأمور لطفل يبلغ 5 أعوام، ربما من الأفضل اللجوء إلى طريقة الحصالات التي ذكرناها من قبل.
هافنغتون بوست