اليوم الأسود في عفرين..
اليوم وصلتني تلك الجثة المتفحمة لامرأة تبدو رغم سواد حريقها في الربيع العشرين من عمرها متقوقعة بشدة على نفسها وقد بدت حتى عظام لوح الكتف من شدة الحريق.
طبعا الوفاة حصلت بعد دقائق من الانفجار الأمر الذي سمح لها بأخذ وضعية الحماية والانحناء على نفسها اتقاء اللهب.
مضينا وانشغلنا بالعشرات غيرها، ممن كانت حروقهم قابلة لعودتهم إلى الحياة.
معظمهم مهجرون قسرا من بيوتهم وقراهم وعلامات القهر بادية على وجوههم..
بعد فترة عدت إلى الشابة وهي ملقاة على أرضية مكان الإسعاف، أتأمل حالها وأتساءل في نفسي أين أهلها وأحبابها؟ وماذا سنخبرهم وكيف سيتعرفون عليها!
فأصابني الذهول.. وأنا أبصر خمس أصابع صغيرة تلتف على عنقها …
يا الله إنه صغيرها!!!
تحتضنه بين ذراعيها ويحتضنها بكلتا ذراعيه الصغيرتين ممسكا بعنقها وهم يصارعون ذلك اللهيب والجحيم الذي طوقهم حتى وصل إليهم.
لم يلفت انتباهنا لشدة التصاقه بها، فأصبحوا جسدا واحدا.
كم كانت تتمنى أن تفتديه بجسدها وروحها…
أحسبها سقته من دموعها قبل أن يفارقا الحياة سويا، أظنها كانت تنظر في عينيه الصغيرتين تتمنى قبلة منها تحميه من وهج النيران التي حوصرا بها.
رحلت عن دنيانا مهجرة مكسورة مقهورة صائمة في شهر رمضان.
الطبيب: حسام حمدان / عفرين