بعد تمكن النظام السوري بغطاء روسي من تأمين محيط العاصمة دمشق وتهجير كل الفصائل التي كانت تشكّل تهديداً له فيها إلى الشمال السوري، وكذلك تأمين الطريق الدولي بين دمشق وحماة بعد عمليات تهجير ريف حمص الشمالي، بدأ النظام بتغيير استراتيجيته في التعاطي مع المليشيات التي تم تشكيلها خارج إطار الجيش النظامي ضمن ما عرف باسم “الدفاع الوطني” التي أدت دوراً كبيراً في الحرب السورية إلى جانب النظام وأُطلقت أيديها بشكل مطلق لممارسة كل أشكال الفساد والنهب وبكل الطرق الممكنة. وبدا أن هناك قرارات عديدة قد اتخذت وتم البدء بتطبيق بعضها، تحديداً المرتبط بمستقبل المليشيات ووضع الحواجز الأمنية التي نصبتها مع الأفرع الأمنية على الطرقات وداخل العاصمة.
وبما أن روسيا هي التي قادت عملية تأمين كل تلك الجبهات وساهمت في تحويلها إلى جبهات مستقرة، فمن المرجح أن كل القرارات المتخذة في الوضع العسكري والأمني هي قرارات روسية، خصوصاً أنها جاءت بعد زيارة رئيس النظام بشار الأسد لروسيا في 17 مايو/ أيار الماضي، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم تغيير موقفه من الكثير من القضايا على المستوى السياسي والأمني. في هذا السياق، غيّر الأسد موقفه قبيل مغادرته لروسيا من اللجنة الدستورية التي كان يرفضها قبل الزيارة وتعهد بتشكيل لجنة تابعة للنظام بهذا الشأن. ثم توالى تنفيذ عدد من القرارات الأمنية والعسكرية بعد عودته إلى دمشق. وترى موسكو أن المليشيات انتهى دورها فعلياً، كما أن استمرار وجودها بدأ يشكل خطراً على الأمن في المناطق التي تنشط فيها. وهو أمر يتوافق منطقيا مع توجهات النظام الذي بدأ يرى في تعاظم نفوذ بعض المليشيات خطراً قد يحوّلها إلى سلطة موازية وأحياناً فوق سلطته.
وكشفت مصادر من داخل الأجهزة الأمنية في دمشق لـ”العربي الجديد”، عن “صدور مجموعة قرارات من قبل كبار قيادات النظام تتعلق بوضع المليشيات، كان أهمها إصدار قرار إلىجميع الأفرع الأمنية في سورية بحل جميع المليشيات والعصابات التي كانت تعمل لصالح الأفرع والضباط الكبار، كسهيل الحسن المعروف بالنمر وغيره”.
بالإضافة إلى ذلك، تمّ توجيه قرارات لجميع الأفرع الأمنية في دمشق بإزالة الحواجز الأمنية داخل مدينة دمشق التابعة لسلطة اللجان الشعبية والدفاع الوطني والمليشيات الأخرى غير النظامية، وتسليمها للشرطة المدنية التابعة لوزارة الداخلية السورية، تحت إشراف الشرطة العسكرية الروسية. وأكدت المصادر أن “كل تلك القرارات التي صدرت مصدرها روسي عبر قاعدة حميميم في الساحل السوري”.
وبيّنت المصادر أن “من أهم المجموعات التي جاء القرار بحلّها هي مليشيات الدفاع الوطني التابعة لابن عم بشار الأسد، ومجموعات أمن الفرقة الرابعة التابعة للفرقة الرابعة التي يترأسها ماهر الأسد، شقيق بشار، ومجموعات مكافحة الإرهاب التابعة لفرع الأمن العسكري المركزي في دمشق، ومجموعات سهيل الحسن التابع للواء جميل الحسن مسؤول الاستخبارات الجوية في سورية”.
وتابعت المصادر أنه “في السياق ذاته، صدر قرار مرادف بإيقاف عمليات التطويع لتلك المليشيات، على أن يتم تخيير المتطوعين فيها بين تسوية وضعهم وتطويعهم في صفوف جيش النظام أو في صفوف (الفيلق الخامس اقتحام) بشكل رسمي، وذلك عبر عقود سنوية كمقاتلين مرتزقة على أن تعمل هذه المليشيات تحت إدارة مشتركة سورية روسية، أو إنهاء عقودهم مع المليشيات وعودتهم لحياتهم المدنية، شرط أن لا يكونوا من المطلوبين لإحدى الخدمتين الإلزامية أو الاحتياطية”.
المصدر : عربي 21