في 31 من ديسمبر / كانون الأول الحالي يكون مر على حكم فلاديمير بوتين لروسيا 20 عاماً، تخللتها 4 أعوام كرئيس وزراء لكن بصلاحيات رئيس للتحايل على الدستور. عشرون عاماً امتلأت بالمؤامرات والحروب والجثث والدماء، دمر خلالها بوتين عدة دول في العالم بشكل مباشر، واغتالت مخابراته بطرق وحشية سياسيين وصحفيين روس لأنهم عارضوه.
وقامت شبكة بي بي سي البريطانية بنشر تقرير على موقعها الإلكتروني في 14 كانون الأول الجاري عن سنوات بوتين العشرين مصحوباً بـ 20 صورة، ادعت أنها تمثل فترة حكمه، وقبل بي بي سي كانت صحيفة الجارديان نشرت في أيار الماضي نفس الموضوع مصحوباً بالصور، وفي كلا المادتين ظهرت صور بوتين مطابقة لتلك التي دأبت ماكينة البروباغندا الروسية على نشرها له، فهي خالية من أي دمار أو جثث بل يظهر فيها ضاحكاً معتداً بنفسه وبصحبة زعماء غربيين.
هذا الأسلوب المساير للبروباغندا البوتينية، إن جاز التعبير، استفز الكثير من نشطاء حقوق الإنسان وأبناء الدول التي دمرها بوتين، وعلى رأس المحتجين على هذه النوعية من التقارير الدعائية كان المعارضون الروس، الذين ذاقوا وما زالوا الأمرين، وقام حساب باسم “سوفييتي سابق” على تويتر، معروف بملاحقته لسياسة بوتين وأجهزة مخابراته وفضحها، بالرد على بي بي سي وغيرها بنشر عشرين صورة لبوتين تجسد حقيقة هذه الأعوام العشرين وما فعله بوتين فيها.
عشرون صورة لعشرين عاماً.
1- التمهيد للوصول للرئاسة: في أيلول عام 1999 تعرضت عدة مجمعات سكنية في روسيا لتفجيرات ارهابية راح ضحيتها 293 شخصاً، واستخدمها بوتين، رئيس الوزراء آنذاك، ذريعة لبدء ما تعرف بحرب الشيشان الثانية والتمهيد لوصوله لرئاسة روسيا. وكان لرواية بوتين عن مسؤولية مجموعات شيشانية عن هذه التفجيرات أن تستمر، لولا القبض على ثلاثة من عملاء المخابرات الروسية، الأمن الفيدرالي الروسي، أثناء زرعهم للمتفجرات في مدينة ريازان، وهو ما فضح مسؤولية المخابرات، وبالتالي بوتين، عن هذه التفجيرات لا سيما مع رفض بوتين المتكرر القيام بأي تحقيق.
2- في سبيل الصورة البراقة: في آب 2000 تعرضت الغواصة الروسية كورسيك لكارثة أودت بحياة 118 شخصاً كانوا على متنها، بدأت الكارثة في 12 آب بانفجار غامض للغواصة الحربية مما أدى لتعطل حركتها وعدم قدرتها على الخروج من تحت الماء، القيادة الروسية بزعامة بوتين تكتموا على الكارثة لأيام ثلاثة حاولوا فيها الوصول للغواصة الغارقة وإنقاذ من بقي فيها حياً، ولكن عدم كفاءة الأجهزة والمعدات الروسية بالإضافة للبيروقراطية والفساد المتجذر أفشل محاولاتهم ليقوم بوتين مجبراً بعد ثلاثة أيام بإعلان خبر غرق الغواصة وطلب المساعدة من الدول الغربية، الطلب جاء متأخراً فجميع البحارة ماتوا بحلول ذلك الوقت.
3- الشيشان: مستغلاً تفجيرات المجمعات السكنية في روسيا، بدأ بوتين الحرب على جمهورية الشيشان في 23 أيلول 1999 وليدمر العاصمة غروزني ويسويها بالأرض، تدمير بوتين للشيشان سيتذكرها الكثير من المراقبين والمحللين مع التدخل العسكري الروسي في سوريا، حيث اتبع الجيش الروسي سياسة حربهم على الشيشان، وقامت الطائرات الروسية بتسوية المدن السورية بالأرض.
4- قتلهم بالغاز: في 23 تشرين الأول 2002 قامت مجموعة من المسلحين الشيشان، من 40 إلى 50 مسلحاً، باحتجاز 850 مدنياً في أحد مسارح موسكو، دوبروفكا، مطالبين بإنهاء حرب الشيشان وانسحاب روسيا، وبعد حصار المسرح من قبل الأمن الروسي ليومين قامت القوات الروسية بضخ غاز كيميائي مجهول، حتى الآن لم توضّح روسيا طبيعة هذا الغاز، مما أدى لمقتل نحو 170 شخصاً منهم 129 مدنياً بسبب الغاز السام.
5- اقتحم المدرسة بالدبابات: في 1 أيلول 2004 قامت مجموعة شيشانية باحتجاز 1100 شخص في مدرسة ببلدة بيسلان الروسية، وعقب ثلاثة أيام اقتحمت القوات الروسية المبنى مستخدمين الدبابات والأسلحة الثقيلة، مما أدى لمقتل 320 من الرهائن بينهم 186 طفلاً، وحمّلت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان الحكومة الروسية المسؤولية بسبب عدم اتخاذها للإجراءات المناسبة لمنع الحصار واستخدامها القوة المفرطة في اقتحام المدرسة.
6- قتلها لمعارضتها حرب الشيشان: في 7 تشرين الأول 2006 تم اغتيال الصحفية الروسية آنا بوليتكوفسكايا بأربع رصاصات في مصعد البناية التي تقطنها، وبوليتكوفسكايا كانت من المعارضين لبوتين وساهمت تقاريرها في تعرية الحرب الروسية على الشيشان والأهوال التي كانت ترتكب من قبل القوات الروسية، ويصادف تاريخ اغتيالها تاريخ ميلاد الرئيس الروسي بوتين مما عزز الشكوك في وقوف الأجهزة الروسية خلف عملية الاغتيال.
7- المواد الكيميائية سلاح بوتين المفضل: في 23 تشرين الثاني 2006 تم اغتيال المعارض الروسي “ألكسندر ليتفيننكو” في بريطانيا عن طريق تسميمه من قبل المخابرات الروسية بمادة البولونيوم 210 المشعة، وخلصت تحقيقات الحكومة البريطانية إلى أن اغتيال ليتفيننكو تم بموافقة بوتين ومباركته للعملية.
8- جورجيا.. الغزو الأول بعد الشيشان: في 8 آب 2008 بدأت القوات الروسية باجتياح جمهورية جورجيا في تحد مباشر للغرب من العبث بجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وبعد خمسة أيام من القصف الجوي والبري على المدن الجورجية توقف غزو الروسي بعد احتلال موسكو لإقليمي أبخازيا وأوستيا الجنوبية.
9- فضح الفساد فقتلوه بالسجن: في 2009 توفي الخبير القانوني “سيرغي ماغنيتسكي” في سجنه بسبب التعذيب ورفض الحكومة الروسية معالجته، وبدأت قصة ماغنيتسكي المأساوية مع فضحه لملفات فساد بملايين الدولارات للحلقة المقربة من بوتين فكان الرد بسجنه وتعذيبه، بل إن الحكومة الروسية التي أدانها العالم بسبب الأسلوب الوحشي عادت فحاكمت الميت في عام 2013 بتهمة التهرب الضريبي، وقامت الحكومة الأمريكية بسن قانون في عام 2012 اسمه “قانون ماغنيتسكي” لمحاسبة قتلة ماغنيتسكي ليتحول لاحقاً إلى قانون لفرض العقوبات على الحكومات الأجنبية التي تنتهك حقوق الإنسان.
10- اتهمهم بالخيانة والتبعية لأمريكا: في كانون الأول 2012 خرج المواطنون الروس في مظاهرات ضخمة ضد حكم بوتين والانتخابات النيابية المزورة، فما كان من بوتين إلا أن اتهمهم بالتبعية لأمريكا وبأن هذه المظاهرات المليونية هي مؤامرة غربية عليه، وقامت استخباراته وأجهزة أمنه بقمع المظاهرات واعتقلوا الآلاف.
11- على خطى سلفه ستالين.. احتلال القرم: في 27 شباط 2014 احتلت روسيا جزيرة القرم الأوكرانية وأعلن بوتين عن ضمها لروسيا، عملية الاحتلال كانت سريعة لأن روسيا قامت بإرسال آلاف الجنود والمعدات إلى حدود الجزيرة بالخفاء وهكذا هاجمت حماة الجزيرة الغافلين عن المؤامرة.
12- بعد احتلال القرم انتقل إلى شرق أوكرانيا: بدأت موسكو حربها على شرق أوكرانيا في إقليم دونباس تحت حجة أن أغلبية ساكنيها من الروس ونتج عن ذلك إعلان قيام كيانين تابعين لروسيا هما دونيتسك ولوهانسك.
13- وأسقط الطائرة المدنية الماليزية: في تموز 2014 تم إسقاط طائرة ركاب ماليزية “إم أتش 17” بصاروخ أثناء عبورها فوق أوكرانيا مما أدى لمقتل جميع ركابها، 298 شخصاً، واتجهت أصابع الاتهام لروسيا حيث أن الصاروخ روسي وتم إطلاقه من المناطق التي تحتلها موسكو، لكن بوتين رفض ذلك وسخر من الأدلة. وأصدرت هولندا واستراليا اتهاماً رسمياً لروسيا بمسؤوليتها بعد تحقيق أجرته لجنة حقوقية.
14- اغتيال معارض بيد شيشانيين: في 17 شباط 2015 تم اغتيال المعارض الروسي بوريس نيمتسوف بإطلاق النار عليه، ونيمتسوف كان معارضاً لبوتين ولاحتلال القرم، كما أنه كان أحد قادة المظاهرات التي انطلقت ضد بوتين في نهاية 2011. التحقيقات الروسية بالجريمة ألقت بالتهمة على عناصر من الشرطة الخاصة الشيشانية التابعة لرمضان قاديروف التابع لبوتين.
15- تبني كيماوي الأسد: في آب 2013 قام نظام الأسد بشن هجوم على الغوطة الدمشقية بالأسلحة الكيماوية، ووسط ذهول العالم بادر بوتين بتبني هجوم الأسد وأمن حماية له في الأمم المتحدة وعقد صفقة هزيلة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لغض النظر عن كيماوي الأسد، وتابع الأسد استخدام الكيماوي تحت إشراف وحماية بوتين.
16- تدمير سوريا: في أيلول 2015 أعلن بوتين دخوله الرسمي في الحرب على سوريا وبدأت طائراته بقصف المدن والبلدات السورية حتى الآن، كما قدم الغطاء لميليشيات المرتزقة الإيرانية والروسية التي شاركت نظام الأسد في قتل مئات الآلاف من السوريين وتشريد الملايين.
17- بوتين وتحويل وسائل التواصل الاجتماعي لسلاح: تجلى استخدام بوتين الشرير لوسائل التواصل الاجتماعي في فضيحة الانتخابات الأميركية وقيام موسكو بتأمين الدعاية لترامب ومهاجمة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، هذه الفضيحة التي ما زالت تتفاعل حتى الآن.
18- مرة أخرى السم الكيماوي: في آذار 2018 تعرض عميل المخابرات الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا لمحاولة اغتيال في بريطانيا عبر تسميمهم بعنصر النوفيتشوك، واتهمت بريطانيا روسيا رسمياً بذلك وحددت مرتكبي الجريمة وهما ضابطان في الاستخبارات الروسية.
19- بوتين القرصان: في تشرين الثاني 2018 قامت القوات الروسية بمهاجمة ثلاث سفن أوكرانية، قبالة سواحل القرم التي تحتلها روسيا، وقامت القرات الروسية باحتجاز السفن والقبض على طواقمها وأخذهم كرهائن لدى موسكو.
20- اعتقال ومحاولة تسميم معارض: في تموز 2019 قامت القوات الروسية باعتقال المعارض الروسي ألكسي نافالني، وقالت محاميته إن المعارض الروسي تعرض لمحاولة تسميم بمادة كيميائية غير معروفة، ويتعرض نافالني لمضايقات مستمرة من رجال بوتين بسبب معارضته لبوتين وكشفه لملفات فساد وقام رجال بوتين بتلفيق تهمة لنافالني في 2009 وتم سجنه خمس سنوات ولكن نافالني لم يستسلم ومازال معارضاً شرساً لبوتين.