المركز الصحفي السوري – إبراهيم الإسماعيل
-بين امرأة صامدة وأخرى يائسة، وبين ظروف فرضها الواقع المرير، غيرت مجرى حياة السوريين خلال ثمان سنوات من حرب طاحنة، كان الأطفال والنساء الحلقة الأضعف والأكثر استغلالاً ومعاناة فيها طيلة هذه السنوات.
كيف واجهت المرأة السورية الحرب؟
تجسدت معاناة المرأة السورية خلال سنوات الحرب بالمعاناة المستمرة وألم الفقدان والحرمان، إن كان زوجها أو أطفالها أو أحد أفراد عائلتها، وعانت النزوح والتنقل الإجباري بسبب القصف، لكن في ظل كل هذه الظروف استطاعت المرأة السورية تحملها وأثبتت قوتها وصبرها، واستطاعت أن تستمر إلى هذه اللحظة رغم قساوة العيش.
وشاركت المرأة الرجال في كثير من أعمالهم من إسعاف الجرحى والعمل في المجال الطبي الإسعافي في البداية ومن ثم العمل بالمجال الإغاثي، والسياسي ومنهن من وصلن للقيادة واستلام مناصب في الشمال المحرر لتؤكد على وجودها الفاعل خلال الثورة.
إيمان عمر هاشم هي إحدى السوريات اللواتي واجهن الحرب بقوة من مدينة حلب, أول من شغلت منصب رئيس مجلس محلي في سوريا، امرأة لها نشاطاتها في المجال الطبي والإغاثي والإسعافي والسياسي والاجتماعي وهي مديرة لمدرسة سنعود في ريف حلب الغربي.
المرأة السورية معيل الأسرة الوحيد!
آلاف النساء فقدن معيلهن في الحرب ومنهن أعمارهن لا تتجاوز العشرين عاماً، وأصبحن المعيل الوحيد لأطفالهن بعدما سلبتهن الحرب أزواجهن أو آباءهن أو كليهما.
وفي لقاء للمركز الصحفي السوري مع أم مجد، المرأة الحمصية من مدينة الرستن والتي كانت تعمل مديرة لمركز تجميل في مدينتها قالت: “زوجي استشهد في عام 2011، اعتقلته قوات النظام وبعد 15 عشر يوم سلمت جثته لنا وهو شبه مقطع، ومع اشتداد القصف على الرستن اضطررت للهجرة إلى تركيا مع طفليّ مجد وشهد”.
وأثناء حديثها عن معاناتها مع أطفالها في تركيا قالت: “أتينا إلى تركيا عن طريق التهريب، وعانيت كثيراً، كنا أكثر من 6 عائلات في بيت واحد، ولم أستطع تأمين أياً من مستلزمات أطفالي، فاضطررت لأعمل بأجور رمزية جداً في صالونات حلاقة تركية، ثم عملت بالخياطة لفترة لتأمين مستلزمات أطفالي، ولم أيأس وحاولت كثيراً البحث عن فرصة عمل إلى أن أصبحت مدرسة في روضة خاصة بعد تنوع المهن والنشاطات التي قمت بها للحصول على مردود أقدمه لأطفالي حيث كنت المعيلة الوحيدة لهم”.
وصل عدد الأرامل بسبب الحرب السورية لأكثر من مليون أرملة وفاقدة للزوج بحسب عددٍ من الإحصائيات، في مقابل زيادة كبيرة بنسب عدد النساء العاملات نتيجة فقدان المعيل الأساسي.
وأكدت مصادر أممية أن نسبة النساء المعيلات لأسرهنّ في سوريا، ارتفعت خلال السنوات الأخيرة، لتتخطى نسبة 11.2% تقريباً، مشيرة إلى أن المرأة في سوريا باتت تعمل في أعمال مهنية وحرفية عديدة ودخلت مجالات متنوعة في سوق العمل.
انتهاكات واسعة ضد المرأة السورية!
تعددت وتنوعت الانتهاكات ضد المرأة السورية، وكان أولها اعتقال نظام الأسد للنساء خلال الثورة، لمساعدتهن الرجال في النقاط الطبية الميدانية أو غيرها أو حتى لصلتهن بأزواجهن أو أقاربهن بالثورة، ومنهن الفنانة المعروفة والملقبة بأيقونة الثورة “مي سكاف” التي اعتقلت وعذبت في سجون الأسد، حيث عانت النساء الويلات في السجون وتعرضت لشتى أنواع الانتهاكات منها الاغتصاب والتعذيب بأشكاله.
تقول الأنسة “منى بركة” المعتقلة السابقة في سجون النظام للمركز الصحفي السوري: “اعتقلت بسبب عملي الإنساني في مساعدة الجرحى في النقاط الميدانية وهو ما يعتبر جريمة لدى النظام، تم نصب كمين لي واعتقلت من خلاله، استمرت فترة اعتقالي 7 أشهر، عانيت خلالها من التعذيب والضرب والشتائم وحجز الحرية، وألم الفراق والحرمان من أطفالي وعائلتي، وكان أكثرما آلمني هو أصوات تعذيب النساء والشباب الآخرين ضمن السجن واستشهاد العديد تحت التعذيب”.
وفي تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشرته في 25 نوفمبر العام الفائت وثق مقتل 27226 أنثى في سوريا منذ آذار 2011، كما وثق تقرير آخر للشبكة نشرته عام 2017 أكثر من 7571 أنثى مازلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في سوريا.
المرأة السورية في بلاد اللجوء!
ولم تكن المرأة في الداخل السوري فقط من تعرض للانتهاكات فقد كان لها نصيب وافر في بلاد اللجوء، وكان لبنان البلد الأكثر انتهاكا للمرأة السورية لوجود نسبة كبيرة من مؤيدي نظام الأسد ووجود حزب الله الداعم المباشر والفاعل لنظام الأسد ضد الثورة السورية.
وفي تقرير سابق للشبكة السورية لحقوق الإنسان وثق استعباد 45 فتاة سورية في لبنان من قبل عصابات متنافسة ومنتشرة تتاجر بأجساد اللاجئات السوريات، وفي بلاغ لقوى الأمن الداخلي اللبناني كان نقطة بداية لكشف حجم العنف الجنسي تجاه اللاجئات السوريات في لبنان، حيث كشف البلاغ عن شبكة استعباد جنسي مارست عمليات التعذيب وتشويه واغتصاب وإجهاض وتهديد بفضح الضحايا وينشر صورهن وفيديوهات لهن وهن عاريات وغير ذلك من الممارسات حسب الشبكة .
وليست هذه الانتهاكات الوحيدة في لبنان، بل يضاف لها معاملة الأهالي اللبنانيين وقوات حزب الله لللاجئين بعنصرية، كما أن معاملة الأردن لللاجئين وخاصة في مخيم الركبان تسبب بكارثة على قاطني المخيم الذين وقعوا بين نيران النظام من جهة ومعاملتهم السيئة جداً من قبل السلطات الأردنية من جهة أخرى.
في اليوم العالمي للمرأة تبقى المرأة السورية تعاني من ظلم الواقع المرير ومن ذل لا مثيل له، ولم يحصلن على أبسط حقوقهن المشروعة في كل الأديان وقوانين العالم وقرارات المنظمات الإنسانية والعالمية، فإلى متى ستبقى المرأة السورية تعاني الويلات في ظل عالم يدعي الإنسانية؟!