انقطاع السبل بالسوريين نتيجة الحرب المريرة وارتفاع وتيرتها وتفاقم الأزمة الإنسانية داخل البلاد، و فقدانهم الأمل بانتهاء الحرب دفعهم للهروب من جحيم سوريا ومحاولة اللجوء إلى بلدان آمنة عبر رحلات الموت والعذاب إلى تركيا ودول أوربا شتى.
كمحاولة الشاب “سيف الدين علي الجاسم” الذي توفي في 19 آب الجاري، جرّاء أزمة قلبية مفاجئة في طريق اللجوء إلى اليونان، وهو من أهالي قرية أبو كبر التابعة لبلدة تل حميس شرق القامشلي، بعد رفضه تسليم نفسه لشرطة الحدود رغم محاولات رفاقه بإقناعه.
كان أمل “سيف الدين” كآمال ملايين السوريين.. الوصول إلى بر الأمان في دولة ما من دول أوربا، لكنهم واجهوا الموت في البر و البحر، ومحاولات الانتقال من حياة التعب والبؤس إلى حياة الرفاهية والأمان ولكن تجربة الهرب عبر البحار والجبال هي الأكثر رعباً في ظل العواصف والأمطار وقلة الماء والطعام وفي كثير من الحالات انعدامه عدا الخوف والرعب من حيوانات الغابات خصوصاً تحت كنف الليل وظلمته.
وفي مشهد موجع آخر يصف عبدالله الحاج الشاب الثلاثيني من ريف المعرة رحلة القهر أثناء محاولته مع مجموعة من رفاقه التسلل عبر الجبال للوصول إلى اليونان ومنها إلى ألمانيا فيقول ” هيي المحاولة الرابعة خلال ست أشهر وكل مرة عذاب أكتر” ويشرح عبدالله كيفية إلقاء القبض عليهم ووضعهم في سيارة مغلقة شديدة الحرارة وهي تسير بهم لمدة 9 ساعات داخل الغابة، ليتعرضوا بعد إنزالهم منها للضرب المبرح والمؤلم ليمرض على إثرها مدة 10 أيام .
رغم ذلك أعاد عبدالله محاولته علّه يحقق مُبتغاه ويغادر تركيا بعدما أتعبته صعوبات الحياة فيها، خاصة أنه أب لأسرة تتكون من 5 أطفال فيقول “ضربوا علينا حرس الحدود رصاص حاولنا نهرب منهن مشان ما يمسكونا لهيك صرنا نمشي بالليل وننام بالنهار”، وبسبب ذلك قسمهم المهرب إلى مجموعتين حتى يتمكنوا من التخفي ومواصلة الطريق خاصة أن المبالغ التي دفعناها كبيرة لتكلفة تلك الرحلة المأساوية المعقودة بالنجاة والأمل في الوصول حيث المبتغى لتأمين حياة كريمة لأسرته.
عبر الحدود إلى أوربا هناك مجموعة كبيرة من المخاطر الأخرى التي تنتظر المهاجرين في حياة العراء، فربما يتعرض البعض منهم للاحتيال فيتركهم المهربون في وسط الغابات يواجهون مصيرهم المجهول وربما يصابون بالأمراض، كما أنهم يتعرضون لسرقة ممتلكاتهم الخاصة.
فالخطر محدق بهم من كل جهة والتعب يُثقل أجسادهم المنهكة والحرارة الشديدة تزيد من معاناتهم وكذلك الصواعق والبرد يؤخر تقدمهم ووصولهم لهدفهم المنشود عبر رحلات غير مأمونة العواقب أو مضمونة النتائج.
في حين تتنوع أساليب الهجرة التي يتبعها المهاجرون من تركيا عبر اليونان إلى أوربا ومنها الانطلاق من سواحل تركيا الغربية على المتوسط باستخدام ” البالم ” وهو عبارة عن سفينة مطاطية تتلاطمها الأمواج عبر رحلة بحرية مخيفة ومميتة ، كما يوجد هناك طريقة التجريب والتي تعتمد على جواز سفر مزّور وهناك طريقة التهريب البري وهي طريقة محفوفة بالمهالك والمخاطر يقضون فيها أياماً مشياً على الأقدام يقطعون خلالها غابات وأنهاراً وسط ظروف صعبة، بالإضافة إلى العقبات القانونية والصعوبات التي تواجههم فإن المعاناة تتضاعف بعد الوصول إلى دول أوربية.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع