“من وحي المعاناة، نستخلص الحلول” عبارة قالها أحد المزارعين السوريين في ريف إدلب عندما سئل عن بدائل التدفئة بما أن المحروقات مرتفعة الأسعار ومفقودة أحياناً بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد.
فضلات أو مخلفات البقر وبالفصحى روث البقر، وسيلة مستحدثة بكثرة بأرياف سوريا منذ بداية النزاع، لكنها استخدمت كمصدر للطاقة في العصر الحجري كما في العراق ومصر، لها فوائدها العديدة إذا ما ستطاع المواطن إيجاد الآلية المناسبة في استثمارها، فمثلاً في الدول الأجنبية وخاصة الأرجنتين، تم استخلاص الغاز منه وولدت الكهرباء لعدة منازل مع تحويلها غالباً إلى وقود لمحركات السيارات عندما يوصلون جهاز تنقية بالجهاز الهضمي للبقر يضخ الغاز عن طريق مكبس فيتم فصل غاز الميثان عن باقي الغازات.
صحيح أن ضررها عند تكديسها في المزارع السورية واضح إذا ما نظرنا إلى الطريقة العشوائية للتخلص منها ورائحتها الكريهة المسببة لأمراض صحية كالحساسية أثناء تجمع الحشرات عليها، وأضرار على البيئة من الغازات الناتجة عنها بعد تفاعلها الكيميائي، إلا أن إيجابياتها النسبية موجودة، حيث عمد المزارعون على استغلالها بسبب تفشي الفقر، فاضطر المزارعون لتعويض نقص مستلزماتهم بشتى الأساليب، أنستهم خطرها المحدق بهم، فقد عمدوا لتحويله لسماد عضوي يحافظ على خصوبة الأرض وزيادة إنتاجها، بعد تعرضها لأشعة الشمس وسواد لونها ورشه على التربة بفترة الحرث ليندمج بها.
“أبو حسن” نازح بالقنيطرة من ريف دمشق يقول لوكالة سمارت:” نصنع أقراص تدفئة من روث البقر تسمى الجلة، أقوم أنا وزوجتي بالبحث عن روث الأبقار وجمعها ومن ثم جعلها على شكل دائري ونتركها لتجف في الشمس من ثم نخزنها لنتدفأ عليها خلال الشتاء، كما نستخدمها للطهي فلا رائحة أو دخان له”.
بينما يمكن أن يكون روث البقر مشروع اقتصادي يغني خزينة الدول الصناعية بحال تم إعطاء الأهمية له، واقتصرت عوائده المادية على بعض الفلاحين الذين يبيعونه للأفراد ليجنون رزقاً يقتاتون به.
“فراس القاسم” من درعا يقول لمدونة وطن:” إن محافظة درعا وخاصة مدينة اللجاة تشتهران باستخدام الروث بشكل كبير ولعدة أمور،فنخزن روث البقر في الكهوف مع الحطب أو في غرف خاصة، ونشعل ناره بالقش، غير أنه عادة قديمة لدينا يلتف حول موقده أفراد الأسرة في كل سهرة ويتسامرون”.
فضلاً عن أنه يخفف جزئياً من اقتطاع الحطب، مما يرتد إيجاباً على البيئة فيتحول بذلك لمصدر طاقة صديقة للبيئة وصحية نظيفة سهلة الاستخدام ومتاحة للجميع، فتتشح الأراضي باللون الأخضر إذا ما تم تعميم نتائجه كطاقة حيوية على الفلاحين والبيئة.
لكن هذا ليس غريب على الشعب السوري الذي عانى الأمرين بسبب الحرب، فقد استطاع أن يسخر كل شيء لا يخطر في الحسبان وبأدوات تقليدية لصالحه، ليصارع البقاء ويستمر بمتابعة حياته أملاً منه بالخلاص القريب.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن