المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 11/4/2015
يعرَّف اليتيم بأنه طفل فقد أحد والديه أو كليهما، وطبقاً لهذا التعريف، يوجد أكثر من 200 ألف شهيد، قدموا حياتهم دفاعا عن حريتنا وكرامتنا نحن السوريين، و تركوا ورائهم عشرات الألاف من الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم ومعيلهم في سوريا، هل فكّر العالــم بطفل خــرجَ يبكــي من تحت الأنقاض، وقد فقد أهله وهُـــدم على رأسه منزله الذي ظنّـه آمناً ؟
يحتفل العالم في الجمعة الأولى من أبريل/ نيسان من كل عام، بيوم اليتيم العالمي هو يوم مخصص للطفل اليتيم، ولقد أوصى الإسلام برعاية اليتيم، وكفالة اليتيم من الأعمال الطيبة التي تقدسها الشرائع السماوية وتقدرها المجتمعات في مختلف الأزمان، وأولى الإسلام اليتيم أشد الاهتمام وعظم مكافأة الإحسان له، وذكر لفظ اليتيم في القرآن الكريم ثلاثًا وعشرين مرة.
يتعرض أطفال سورية لنتائج العنف بكل أشكاله وصفاته، فهم: يُقتلون، يُعتقلون، يُخطفون، يفقدون أجزاء من أجسادهم الطريّة ومن أرواحهم أيضاً، إن الحرب الدائرة في سوريا كان تأثيرها الأكبر على الأطفال، فهم يعيشون في حالة رعب دائمة جرّاء مشاهد العنف التي حفظتها ذاكرتهم، ولا تفارق ذهنهم صور الموت والدم والدمار، والأمر اللأصعب يتجسّد في الأطفال الذين فقدوا أهلهم و أحبتهم، ويفقدوا الإحساس بالحماية، وهي من أهم حاجاتهم النفسية، وبذلك تكون قد دمرت طفولتهم.
لقد إستشهد أبي وهو يدافع عن سوريا ليرفع الظلم عنا، و أنا الآن رجل الأسرة، وروحي أيضاً فداء سورية الحرة، لقد قال هذه العبارات “عمار” إبن الشهيد “مصطفى” الذي إستشهد في بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي، أثناء تحرير البلدة من قوات الأسد التي كانت تقصف قرى الريف الجنوبي لمحافظة إدلب بشكل يومي، وعندما بدأت معركة تحرير هذه المنطقة لم يتأخر “الشهيد مصطفى والد عمار” عن تقديم نفسه رخيصةً في سبيل رفع الموت والدمار عن المدنيين الذي تقوم به قوات الأسد.
“عمار” إبن 13 عام من بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، ترك مدرسته وأصبح يعمل بائع للمحروقات (البنزين و المازوت و الكاز) في الشارع الرئيسي للبلدة، حتى يكون معيلاً لأسرته المؤلفة من أمه و إخوته الثلاثة، حيث هو أكبرهم يقول “عمار” بعد أن إستشهد أبي لم يعد لنا معيلاً إلا الله، وأنا أعمل بائع محروقات لكي أصرف على أمي و إخوتي، لكي لا أجعلهم يحتاجون أحد.
كثيراً ما يُلبس المجتمع كل ضحية صغير فقد أخاً أو أباً أو أماً، أدواراً أكبر منه في أيام السلم، فما بالك في أوقات الحرب عندما يدفع الأهل والأحبة أثماناً غالية كل يوم، عندها لا وقت لمراعاة مشاعر الطفل ومراقبه نموّه العاطفي وتوازنه النفسي، ويتأثر الأطفال اليتامى الذين فقدوا أحد الأبوين أو كلاهما سلباً، فتضعف علاقاتهم الاجتماعية بالآخرين ويؤدي انعزالهم والشعور بالوحدة إلى إصابتهم بحالات من الاكتئاب، وإلى إحساس دفين بالحرمان وعدم الاطمئنان وضعف الثقة بالنفس والسلوك العدواني، بالإضافة سرعة الانفعال والاستثارة وحدوث نوبات من الغضب والعناد، إنهم أيتام وضحايا في ظروف خاصة، ويحتاجون إلى عناية خاصة وحماية مضاعفة للحفاظ على أمانهم الداخلي، وكي لا يتمكن تجار الحروب وعديمي الأخلاق والضمير من استغلال هشاشة وضعهم والظروف الخطرة وغير المستقرة التي يعيشونها من دون أهل أو بيت أو أي موارد.
وفي الختام لا بد من التذكير أن الثورة السورية أطلقها الأطفال من حيث لا يدرون، هؤلاء الأطفال الذين شاخوا قبل أوانهم، نظراً لمعاناتهم من قسوة الحرب في سوريا، وإيمانا منا بمشاركتهم همومهم، يجب أن نمسح بعض آثار الظروف القاسية من على وجوه أطفالنا، وأبناء شهدائنا الذين ضحوا بحياتهم لننال حريتنا، وأن نرسم ابتسامة، ونزرع فرحة في قلوبهم، ولنقول لهم بأننا دائما معكم، ونقاسمكم أفراحكم، وأحزانكم، ونرافقكم لبلوغ مستقبلكم المشرق.