دمار وقصف، نزوح وتشريد، جوع وحصار، ومجلس الشعب يتحضر لانتخاباته التشريعية وكأن شيئا لم يكن، فأكثر من 70% من الأراضي السورية خارج سيطرة النظام، بالإضافة لتهجيره أكثر من نصف الشعب خارج البلاد، لتعلن لجنة قضائية سورية عن فتح باب الترشيح لمجلس الشعب الشهر الماضي حيث يتقدم حوالي 11ألف شخصا من المحافظات الواقعة تحت سيطرة النظام على حد زعم الإعلام الموالي.
نظريا يعرف مجلس الشعب على أنه الهيئة التي تتولى السلطة التشريعية في أي بلد، كما يحق له محاسبة الحكومة وإقرار الدستور وتصديق المعاهدات الخارجية، وأهم ما في سلطاته حجب الثقة عن الحكومة برمتها، لكن عمليا يعرف مجلس الشعب السوري بميزات غير التي ذكرت سابقا .
فقد كان لمجلس الشعب دوران اثنان، أولهما قبل الثورة السورية حيث كان ينحصر في اجتماعات لا تغني المواطن بشيء سوى أنها تزيد عليه أعباء الحياة فقط، ليتحول بعد الثورة السورية لمصفق من الطراز الرفيع، فكثير من الخطابات كان يلقيها رئيس النظام أمام مجلس الشعب ومهمته الأساسية التصفيق على وقع كلماته، فيدب الحماس بعضا من أعضائه بإبراز مواهبهم الشعرية في التبجيل والتعظيم لرئيس النظام.
مع بدء الثورة بأشهر قليلة فقد مجلس الشعب مصداقيته تماما، وأصبح مجرد أضحوكة على شاشات التلفاز العربية ومواقع التواصل الاجتماعي، لتظهر شخصيات بارزة منها ” شريف شحادة ” و” خالد عبود “، ليكونوا صوت النظام فوصفهم ناشطون بالثورة السورية أنهم ” أبواق النظام “، فكل خطاب يخرج به الرئيس يأتي بعدها مهللين مباركين لكلماته دون النظر لما يحدث على الأرض من قتل ودمار معتبرين أن كل من يقاتل ضدهم هو ” إرهابي” ويجب قتله .
يكتب أحمد السالم على صفحته على الفيس بوك، وهو مواطن من مدينة دمشق، حيث يبدي غضبه من المبالغ المصروفة في انتخابات مجلس الشعب:” إننا في أزمة اقتصادية خانقة فملايين الليرات المصروفة كانت لو جمعت لإطعام الشعب السوري أو حتى صرفها على علاج مصابي الحرب كان أفضل، فإعلانات الطرقات والخيام المنصوبة للتعريف بالمرشح، ومآدب الطعام المفتوحة كلها يدفع ثمنها الشعب السوري عبر استغلاله بعد فوز المرشح من خلال صفقات مشبوهة وفق حماية يؤمنها له النظام”.
فقد ذكرت صحيفة ” اليومية” الموالية للنظام، أن عدد المرشحين في المحافظات الواقع تحت سيطرة النظام بلغ 11ألف و341 شخص منهم 1805 في دمشق وريفها و2485 في حلب ومناطقها حيث أن ريف حلب أغلبه خارج سيطرة النظام وما تبقى منه تدور فيه معارك كثيرة، في حين سجلت محافظة حمص 1800 مرشح دون ريفها، وسجلت محافظة حماة 700 مرشح، أما اللاذقية فوصل العدد إلى 1653 شخص، و634 مرشحا في طرطوس و 321 في درعا و 263 في السويداء وأخيرا القنيطرة 240 مرشحا.
الغريب أن النظام السوري خلال خمس سنوات الثورة السورية استطاع تهجير أكثر من 10 مليون شخص داخليا وخارجيا، ومع ذلك يتصرف على أنه دولة متماسة تقوم بتطبيق القانون في جميع تفاصيله، لتصادف بعد أيام قليلة الذكرى السادسة للثورة السورية ليؤكد من بقي في سوريا على إسقاط بشار الأسد وقيام دولة تحترم المواطن وتسعى لخدمته لا قتله.
المركز الصحفي السوري ـ أماني العلي