“أمل” – 34 ربيعاً-، توفي زوجها تاركاً لها طفلين، لتتزوج مرةً أخرى وتنجب طفلتها لتكون ثالث أبناءها، تنفصل عن زوجها الثاني أيضا، تبقى وحيدةً صحبة الأطفال .
هل يمكن أن تصادر أملاكك دون علمك، كيف يؤثر قانون الإرهاب على المتهمين وعوائلهم؟؟
تقول أمل: “لم يكن الأمر سهلاً بعد وفاة زوجي، أحسست بالضعف والوهن، ومسؤولية الأولاد كانت تؤرقني وترهق تفكيري، لكنها الحياة، ستستمر وأردتها نحو الأفضل، وألّا أقعد حبيسة الحزن والخيبة”.
لم تجلس أمل في منزلها تنتظر من يعيل أبناءها، بل بدأت التعلم والعمل، لتكون على قدر المسؤولية التي أركنت على عاتقها: “شققت طريقي نحو النجاح بالخطوة الأولى مستندةً بالركيزتين الثابتتين والسند الدائم، أبي وأمي، هما أكبر داعمين وأعطف من عرفته علي طوال عمري”.
تتابع أمل: ” تصر أمي أن أكمل طريقي الدراسي، تحنو وتعطف وتقدم لي الرغبة والتحفيز، وأبي الداعم الأول مادياً ومعنوياً، يقدم كل ما بوسعه في سبيل نجاحي”.
في حديث أمل عن فترة دراستها، كان الأمل يبرق من عينيها المتعبتين، تحكي عن إنجازها في الدراسة والحصول على وظيفة في إحدى المنظمات بعد عناء، وكأنها تملك الدنيا بما رحبت.
تقول: “حصلت على الشهادة الثانوية، كانت أول درجة في سُلَّمٍ أضع قدمي عليها، لأصعد للأخرى، وهي الدراسة الجامعية في جامعة حلب، كانت حياتي الجامعية مختلفة جداً والجو عموما غير مألوف لي، فلا رفاق أعرف، وأخاف من صداقة تأخذني نحو الطريق الخطأ”.
اضطرت أمل للعمل أثناء دراستها الجامعية، علها تخفف قليلاً من المصاريف عن كاهل والديها، لكن حياتها الجامعية لم تكتمل، فبعد ثلاثة سنوات من المثابرة اشتدت وتيرة الحرب وانقطعت السبل نحو حلب، لتترك الدراسة مكرهة.
“نزحنا من قريتنا نحو الشمال السوري، لنعيش مرارة النزوح، تاركين أرزاقنا التي نعول عليها تحت بطش قوات النظام السوري، لتزيد فينا المعاناة سطوة، مادفعني للبحث عن عمل، أعيل به نفسي وأولادي، حتى لجأتُ للتدريس في مدرسة مجاورة، وفتح باب إعطاء دروسٍ للأطفال في منزلي”.
على مرار ثلاثة سنوات، تعطي أمل دروسها للتلاميذ صحبة أطفالها في المدرسة، ومن جهة أخرى تتعلم وتحضر الدورات التدريبية مع المنظمات الإنسانية والأكاديميات في الشمال السوري، فبنظر أمل التعليم مستمر ولا يقف في طريقه عمرٌ أو ظرف.
حصلت أمل على فرصتها الجديدة بعد جهدٍ ومثابرة، وتطوعت في فرق التطوع شمال سوريا، لتتوظف أخيراً في إحدى المنظمات.
“لم أتوقف عن طلب العلم رغم أني أعمل، حضرت تدريبات ودورات لتنمية مهاراتي، استفدت منها كثيراً ونهلت خبرات عديدة، بدأت أقدم طلبات توظيفية مع المنظمات الإنسانية، حتى حصلت على فرصتي بالعمل مع منظمة إنسانية ، بمسمى وظيفي “عاملة صحة مجتمعية” عملت بها واكتسبت خبرات كبيرة”.
تصرُ أمل على المواصلة في طريقها لطلب العلم واكتساب المعرفة، ورغم ما وصلت له إلا أنها تطمح للمزيد، لتكون شاهداً من شواهد العصر على أن المرأة مهما عصفت بها الظروف ستظل عنواناً للنجاح والمكافحة والأمل.
بقلم :ريم مصطفى
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع