في الحياة طرق متشعبة وملتفة بكل ما تحمله من مواقف وتجارب، منها ما يكون مفعما بالأمل والتجارب التي تزرع بذور الحماس وتقوي الإرادة لتحقيق الآمال، ومنها مايكون محاطا بالعوائق والعثرات التي تجعلنا نعيد حساباتنا ونعمل على ترتيب أوراقنا من جديد، إنها الحياة تحوي كل مايدهش أو يحزن أو يفرح …
الحياة كل يوم لها وجه جديد بأحزانها وأفراحها، فهي أكبر مدرسة لتعلم الدروس ومواجهة الامتحانات، ففي فقدان أناس، وظلم آخرين، ووجود وجوه باسمة كلها ترانيم دنيا مختلفة لمجابهة الظروف الموجعة والمفرحة.
“” فقدت إيدي اليمين بس حمدلله لساتني موجودة كرمال ولادي”، تقول لمى المرأة الثلاثينية بابتسامتها التي زينت وجهها الرفيع بقلبها ومشاعرها التي أتعبتها الأيام وأطفأت شموعها الظروف، فشمس الأمس رحلت حاملة معها أسى يوم مفجع فقدت فيه لمى يدها اليمني إثر حادث أليم في صيف عام ٢٠١٩ ، وفي هذه الذكرى البائسة أوراق الحياة لديها تغير لونها وأغرقتها حزنا وبهتت حروفها وتاهت بين الالم والوحشة.
تتابع لمى حديثها ودمعها ملأ عينيها الزرقاوين ” كتير صعبة انو تابع حياتي ب إيد وحدة بس هدا الي صار”، فألم الإصابة لم يكن ليذكر أمام بتر يدها فقد كان الألم مضاعفا بمئات المرات ففي كثير من الأحيان تجعلك المخاطر مشتت الذهن ضعيف البنية تدفعك للتقدم ولكن عكس الهدف فيضيع الوقت في الانتظار وفي النهاية تحدث الخسارة.
إنها مشاعر متعبة قابعة في أعماق فؤاد لمى فالخسارة ليست بالقليلة وأشجار آمالها نبتت في صحراء موحشة، جعلتها رهينة لأحزان الليالي المظلمة ولكن إحساس الأمومة يحتويها يدفع بقلبها للبحث عن الإحساس الدافئ والصادق ليستظل به أطفالها فالصدمة آلمت فؤادها وأبكت مشاعرها وأغفت نجومها من سماء الأمل لتجربها ع حياة جديدة بوضع جديد مع يدها المبتورة..
تحضن لمى أطفالها الثلاثة محاولة بث روح التفاؤل والأمل في روحها أمام أعين أطفالها الصغار محاولة التمسك بخيوط الشمس حتى لو كانت بعيدة حالمة بشمس مضيئة في غد جميل بألوانه وخياله الوردي” رح كون قوية كرمال ولادي” فالسعادة لاتتحقق في غياب الهموم والمصائب في الحياة وتتحقق في التغلب عليها فأطفال لمى وهبوها الحب والسعادة. والثقة لتجعل من حياتها بحرا حنونا وسماء غافية مبهجة وامتداد لا نهائي من طيوف السعادة والهناء.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع