وصلت مفاوضات سد النهضة، أمس، إلى طريق مسدود، بعد أن فشل وزراء المياه بالسودان ومصر وإثيوبيا في الاتفاق على دور الخبراء في التفاوض ومنهج جديد للمفاوضات، بجانب السقف الزمني لعلمية التفاوض، واتفاق الدول الثلاث على إنهاء الجولة الحالية، وإعادة الملف مرة أخرى للاتحاد الأفريقي.
وأوضح بيان صادر عن وزارة الري السودانية، أمس، أن مصر اعترضت على مقترحين متقاربين من السودان وإثيوبيا بإعطاء دور أكبر للخبراء، لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، واقتراح حلول توفيقية.
وأقر البيان أن جولة المفاوضات، التي استمرت لأسبوع، عجزت عن إحراز أي تقدم ملموس بخصوص النقطة التي حددها الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والمياه، حول الدور الذي يمكن أن يلعبه الخبراء في التفاوض، ومنهجية التفاوض ومساراته والجدول الزمني له.
وأكد وزير الري السوداني، ياسر عباس، تمسك بلاده بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي، لكن بمنهجية جديدة للتوصل لاتفاق يرضي كل الأطراف حول ملء وتشغيل سد النهضة، مشيرا إلى أنه لا يمكن التفاوض إلى مالا نهاية.
وقال عباس إن القضايا الفنية والقانونية العالقة «محدودة ويمكن الاتفاق حولها، إذا توفرت الإرادة السياسية لدى كل الأطراف». مشددا على موقف السودان في ضمانة وسلامة منشآته المائية، خاصة أن بحيرة خزان الرصيرص لا تبعد سوى خمسة عشر كيلومترا عن سد النهضة.
وذكر البيان أن السودان تمسك خلال هذه الجولة بموقفه الرافض للعودة للتفاوض، وفق المنهجية السابقة التي لم تحرز أي تقدم. وكشف عن المقترح المفصل، الذي دفع به السودان، بشأن منح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف واقتراح حلول توفيقية.
كما أشار البيان إلى أن إثيوبيا أبدت موافقتها على تعظيم دور خبراء الاتحاد الأفريقي، وأنها تقدمت بتصور مشابه لرؤية السودان، إلا أن مصر اعترضت على هذا المقترح، وتقدمت بمقترحات تدور حول مواصلة التفاوض بالطرق السابقة.
وجرت المحادثات بشكل يومي منذ الأحد الماضي، بحضور الخبراء الفنيين والقانونيين للدول الثلاث، لبحث آلية استكمال المفاوضات خلال الفترة القادمة. وعلى مدار تلك الجلسات قدمت مصر رؤيتها ومطالبها، التي تشمل تنفيذ مقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في أغسطس (آب) الماضي، بالتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد، بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويؤمّن مصالحها المائية.
وشارك في المفاوضات مراقبون من أعضاء هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على أمل المساعدة في التوصل إلى اتفاق يبدد مخاوف دولتي المصب (مصر والسودان)، من تأثير السد الإثيوبي، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، على حصتيهما من المياه.
وبحسب وزارة الموارد المائية المصرية، أمس، فقد عُقد اجتماع لوزراء المياه بمصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة الإطار الأمثل لإدارة المفاوضات الجارية، واتضح خلال المناقشات «عدم توافق الدول الثلاث حول منهجيه استكمال المفاوضات في المرحلة المقبلة».
واتفقت الدول الثلاث على أن ترفع كل منها تقريراً لجنوب أفريقيا بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي يشمل مجريات الاجتماعات، ورؤيتها حول سُبل تنفيذ مخرجات اجتماعي هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي على مستوى القمة، اللذين عقدا يومي 26 يونيو (حزيران) الماضي، و21 يوليو (تموز) الماضي، واللذان أقرا بأن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.
وتتمسك كل من الخرطوم والقاهرة باتفاق «ملزم قانوناً» يحكم تدفق المياه، وعلى آلية قانونية لحل الخلافات قبل البدء في تشغيل السد، وهو ما ترفضه أديس أبابا.
وحركت انتقادات حادة وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للموقف الإثيوبي بشأن السد، وتحذيره من «تفجير» مصر للسد، المفاوضات المجمدة منذ نهاية أغسطس الماضي.
وبدأت إثيوبيا تشييد سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011. وأعلنت بداية الملء الأول للسد في 21 يوليو الماضي، قبل أن تعود لتقول إن ملء السد جاء على خلفية كثافة هطول الأمطار بالهضبة الإثيوبية، مما ساعد في عملية ملء السد بصورة غير متعمدة، إلا أن إتمام عملية الملء الأولى لسد النهضة، دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان، أثار حفيظة الدولتين.
نقلا عن الشرق الأوسط