قـــراءة فــي الـصحـف
ترجم مركز الشرق الأوسط مقالاً للكاتب “سكوت لوكاس” بعنوان، “فشل أوباما في سوريا يخيم على إرث السياسة الخارجية الأمريكية”
يقول الكاتب، مع اقتراب رحيل إدارته، فإن لدى أوباما العديد من الأمور التي يمكن أن يفخر بها. في وسعه أن يشير إلى الانفراجات الدولية التي بدا أنه من المستحيل التفكير في حدوثها قبل وصوله إلى سدة الرئاسة، ابتداء من الاتفاق النووي مع إيران إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا بعد حوالي 60 عاما من الانقطاع. كما أن في وسعه الحديث عن العمل الدولي المكثف لتجنب وقوع كارثة اقتصادية، والنهج الأمريكي الأكثر إيجابية تجاه أمريكا اللاتينية، والعلاقة الحذرة والمتينة مع الصين.
ولكن مع تسجيل إرث أوباما، فإن عددا قليلا من هذه الإنجازات النبيلة يمكن أن تدوم بعد أن يلقي خطاب الوداع في يناير 2017. وسوف يذكر دائما بأنه مرتبط بمصير بلد واحد، هو سوريا.
عندما وصلت مظاهرات ما أطلق عليه الربيع العربي إلى دمشق عام2011، كان يأمل أوباما بأن الرئيس السوري بشار الأسد سوف يستجيب لمطالب المحتجين بالإصلاح بشيء أفضل من الضرب والاعتقال والتعذيب. مع حلول شهر أغسطس، تلاشت هذه الآمال، واعرب أوباما عن مشاعره بصورة واضحة، حين قال:
“لقد قلنا بشكل متواصل بأن على الرئيس الأسد أن يقود التحول الديمقراطي أو أن يتنحى. ولكنه لم يقم بذلك. من أجل الشعب السوري، فقد حان الوقت لكي يتنحى الرئيس الأسد جانبا”.
ولكن الأسد لم يتنح مع تحرك جيشه، لجأ إلى طائراته أيضا. حمص، ثالث أكبر مدينة سورية دمرت عبر أشهر من القصف المستمر، ومع مقتل الآلاف وهجرة أعداد كبيرة، استسلمت المعارضة هناك فيما عدا مناطق محدودة في ربيع 2012. وقد اعتمد النظام خلال هذه الفترة سياسة الأرض المحروقة.
ولكن أوباما لم يقم بما يكفي. فرض العقوبات الاقتصادية على الحكومة في دمشق، ولكن الأسد وحلقته الداخلية حصلوا على مليارات الدولارات من إيران وروسيا. وقامت وكالة الاستخبارات الأمريكية أخيرا بإنشاء مخيمات تدريب لبعض فصائل المعارضة، خاصة في تركيا، وسلمت بعض الأسلحة من أوروبا الشرقية إلى آخرين، ولكن كل هذه العملية كانت مرهقة دون وجود أي جدوى ملموسة منها.
تخلت دمشق عن كل سلاحها الكيماوي تقريبا، ولكنها احتفظت بسلاحها التقليدي، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين. واستمرت في ملأ البراميل المتفجرة بالكلور، الذي لم يحظر في اتفاقيات الأسلحة الكيماوية.
مسار تحرك أوباما، أو عدم تحركه، كان جليا. استمرت الولايات المتحدة بنسختها من “العملية السياسية” التي كانت منذ بدايتها أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع. الأسد لن يتنحى مطلقا لصالح “سلطة حكم انتقالية”. والمعارضة لن تقبل أبدا بالأسد. ولكن الروس قاموا بشراء الوقت، في حين اشترى أوباما الوهم في إصراراه على تجنب القيام بأي “عمل غبي”.
ويختم الكاتب مقاله، الأسلحة الأسوأ – الخارقة للتحصينات والذخيرة العشوائية والقنابل الحرارية والأسلحة الكيماوية التي لا زالت تستخدم في بعض الأحيان- لا زالت تستخدم. مئات المدنيين، الذين يقتلون على يد الروس ونظام الأسد، يلقون حتفهم كل أسبوع. من غير المتوقع أن يعودوا ملايين السوريين إلى ديارهم مطلقا.
ولكن عند سؤاله حول فشل إدارته بالتدخل، حتى بعد أن استخدمت أسوأ الأسلحة لأول مرة قرب دمشق، قال الرئيس:” إنني فخور جدا بهذه اللحظة”.
بدورها شنّت صحيفة الـ “واشنطن بوست” هجوماً عنيفاً على الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، في مقال لريتشارد كوهين؛ ذلك على خلفية بيانه حول وفاة فيدل كاسترو الرئيس الأسبق لكوبا، قائلاً: “أخيراً لقد وجدنا عقيدة أوباما”.
ويزيد “كوهين”: “التاريخ سيسجل فشل أوباما ويدينه، لقد كان فيدل كاسترو قاتلاً، كما أنه جاء الى السلطة بعد ثورة واندلعت أعمال العنف التي لا مفر منها بعد الثورة، لكنه بعد الثورة قام بعمليات إعدام جماعية، شملت المذنبين والأبرياء، دون أدنى مسؤولية، وفرض نظام شمولي على كوبا يعتبر أشد قسوة وأكثر من ذلك الذي قاتل من أجل إزالته.
وتابع: “لقد اضطهد وقتل المعارضين والكتاب والنقاد والصحفيين، ولم يتسامح مع وجود صحافة حرة، وكان حزبه السياسي الوحيد المسموح به في البلاد، وفي النهاية لقد دمر اقتصاد بلاده، كما أنه في نفس الوقت كان يصدّر الإرهاب”.
ويحذر الكاتب من أن بيان “أوباما” هذا يشجع فنزويلا اليوم الذي تحول النظام فيها إلى نظام بوليسي بمساعدة قيمة من النظام الكوبي، ويضيف: “مع الأسف كان بيان أوباما قاتلاً لكل التضحيات التي بذلت من قبل الشعب الكوبي للتخلص من النظام الوحشي في كوبا، لقد خابت كل توقعاتهم وذهبت تضحياتهم إلى لا شيء”، وبين قائلاً حول إرث “أوباما”: “إنه رئيس يفتقر إلى الغضب، وأحياناً يفتقر إلى القيم الأخلاقية”.
واستشهد قائلاً: “لقد التزم أوباما الصمت تجاه ذبح الشعب السوري دون أن يظهر الكثير من الاشمئزاز، ورسم خطاً أحمر حول استخدام بشار الأسد الغازات السامة، لكنه هرب بعيداً عن هذا الالتزام، لقد ترك التزامه بشكل متعمد وسمح لروسيا وإيران وحزب الله بذبح الشعب السوري دون أي محاسبة”.
المركز الصحفي السوري _ صحف