على مدار أكثر من 25 عاما استطاعت فرقة جمعية الحنونة للثقافة الشعبية الفلسطينية الحفاظ على ثقافة وموروث بلاد الشام كوحدة جغرافية واحدة، والتركيز على الثقافة الفلسطينية، وذلك إيمانا من القائمين عليها بأن حراسة الذاكرة مسؤولية كل جيل وكل فرد، للمساهمة في تشكيل هوية الأجيال بعيدا عن التأثيرات السلبية وثقافات الاغتراب، وضمانا لحماية عناصر الثقافة الشعبية المهددة بالإلغاء والسرقة والانتحال.
نعمت صالح أمين سر جمعية الحنونة في حوار خاص بالجزيرة نت تحدثنا عن استمرار الحنونة وروحها وأهم المعوقات التي تواجهها.
نعمت صالح أمين سر جمعية الحنونة في حوار خاص بالجزيرة نت حدثتنا عن استمرارية الحنونة وروحها وأهم المعوقات التي تواجهها (الجزيرة) |
ولادة “الحنونة”
البداية كانت متواضعة بثلاثة أفراد “مغن وعازفين” في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1990، وفي عام 1993 سجلت جمعية الحنونة للثقافة الشعبية لدى وزارة الثقافة الأردنية، جمعية ثقافية تسعى للحفاظ على الموروث الشعبي لبلاد الشام.
مع التركيز على الثقافة الفلسطينية، نظرا للأوضاع الخاصة التي تمر بها القضية الفلسطينية ومحاولة محو الأصول والموروثات الثقافية والتاريخية لأهلها. اليوم.. يضم فريق الجمعية الفني ما يزيد عن ٦٠ عضوا بين راقصين وعازفين ومغنين.
أهداف الفرقة
توثيق صلة الناس بجذورهم وأرضهم وثقافتهم وتعزيز الحس الوطني في قلوب الناس وحفظ وإحياء تاريخ وتراث وثقافة منطقتنا المهددة بالنسيان والاستمرار بجمع وتوثيق كل ما يتعلق بثقافتنا الشعبية وتعزيز مكتبة الحنونة وتعزيز قيم الفخر والاعتزاز بالانتماء لهذه الثقافة لدى الشباب ومساعدتهم في تكريس هُوية وطنية واضحة.
وتحقق الفرقة أهدافها من خلال الغناء والرقص بحفلات محلية وعربية وأجنبية نقدم فيها لوحات غنائية راقصة خصوصا رقصة الدبكة الفلسطينية.
مصادر عروضها
تستقي فرقة الحنونة عروضها من عناصر الثقافة الشعبية كالغناء والموسيقى والرقص واللباس التقليدي والأحداث التاريخية والدينية والمعتقدات القديمة والأساطير والعادات والفصول والمناسبات الاجتماعية وكل ما تم توارثه من جيل إلى جيل، كمراسم الزواج والمناسبات التقليدية والدينية والمراسم المهنية كالحصاد وصيد السمك، وما إلى ذلك من عناصر الإرث الوطني الثقافي.
تضافر الجهود
أكثر من فريق كان له الفضل في نجاح الجمعية، واستمرارها وأولها الفريق الإداري، إذ تقوم الهيئة الإدارية لجمعية الحنونة بتقديم كل الدعم لإنجاح أعمال الجمعية سواء كانت للفريق الفني أم لمشاريع الحنونة.
فريق الدعم والإسناد
ويختص في كتابة نصوص برامج الحنونة وإخراجها واختيار أغاني ورقصات من مكتبة وأرشيف الحنونة وتطويرها، وتدريب البراعم والأعضاء الجدد المنتسبين، وتنظيم العروض.
الفريق الفني
يتكون من طلاب المدارس والجامعات ممن لا تقل أعمارهم عن 15 سنة.
الفريق الموسيقي
يتكون هذا الفريق من عدة مواهب سواء كانت على صعيد الغناء أو العزف.
فريق البراعم
تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و15 سنة ويدربون على الأغاني والرقصات الفلكلورية، ويمكنهم المشاركة في أنشطة الحنونة المختلفة.
250 أغنية ولحنا
قدّمت الفرقة في عروضها المحلية والعربية والعالمية أكثر من 250 أغنية ولحنا من خلال لوحات استعراضية راقصة. منها أغاني حنا العروس والتجلاية وأغاني الاعتزاز بالوطن وأغان خاصة بالحنونة ودبكات شعبية وأغاني حنة العريس وأغاني العين والغزل وأغان للأطفال.
ثوب الحياة
وعن طبيعة البرامج الأخرى التي تقوم بها الجمعية إضافة إلى فريق الحنونة الفني الذي يعد أقوى أذرع الجمعية، تعمل الحنونة على أصعدة أخرى لتتواجد في حياة الناس بأكبر كم ممكن، ثوب الحياة، لإعادة إنتاج الأثواب الشعبية الأصلية للحفاظ على جمالها ورونقها وتاريخها.
فرق مخيمات الفلسطينيين
تشكيل فرق للفنون الشعبية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) إضافة للمبادرات الشبابية، مثل نادي الكتاب ونادي الأفلام. وإصدار مجلة “الحنونة” التي احتلت مكانة بين المجلات العربية التي تتحدث عن الثقافة الشعبية انطلقت المجلة عام ٢٠١٤ وأصدرت ما يزيد عن تسعة أعداد.
حراس الذاكرة
وهناك مجموعة من الأنشطة السنوية، لضمان استمرار الحنونة، منها “حراس الذاكرة”، وهو أسبوع ثقافي سنوي يقدم العديد من الأنشطة الفنية والشعرية وعروض أفلام وأنشطة تفاعلية للأطفال وبازارات وندوات ثقافية وغيرها.
عروض رمضان
وهناك “عروض رمضان” إحياء لتقاليد رمضان واحتفاء بالشهر الفضيل، إضافة لعشاء ريعي: عرض أو أكثر في السنة لجمع التبرعات التي تهدف لتمويل أنشطة الجمعية.
كذلك المشاركة في مناسبات وطنية عامة. ودورات تدريب الدبكة على مدار العام، يمكن للمشاركين فيها أن يتقدموا بطلب للالتحاق بفريق الحنونة بعد انتهاء الدورة التدريبية. وإقامة أنشطة داعمة لمؤسسات عاملة وفاعلة في فلسطينوتحديدا في القدس.
غياب مؤسس الحنونة
ولكن كيف استطاعت الجمعية الاستمرار بعد وفاة عميدها ومؤسسها سعادة صالح في عام 2013؟ ترد نعمت: “لم تكن مرحلة سهلة”.
وتزيد “من الصعب تغطية غياب شخص لديه أفق سعادة وقدرة على إعداد البرامج التي كان يكتبها بلغة لم نصل لها حتى الآن بكل ما كان فيها من واقع وأسطورة وتاريخ وشغف غير عادي. الحقيقة أن موته كان خسارة لا تعوض على الصعيد العام والشخصي كشقيق، لكن الحنونة أكبر منا جميعا وفكرتها قائمة على العمل الجماعي، وهو ترك نفسه في كل الموجودين بالجمعية وتحديدا في جيل الشباب الذي يقوم حاليا بمهمة إعداد البرامج والبحث في المخزون الذي نمتلكه لتوظيفه بعروض جديدة”.
توثيق أزياء بلاد الشام
وتوضح “اعتمدنا في الفترة التي ارتبكنا فيها بسبب غيابه على الأذرع الأخرى غير الفريق الفني، من خلال التركيز على نتاج وبيع “ثوب الحياة” الذي بدأناه في عام 2011، ووثقنا من خلاله أكثر من 60 زيا شعبيا فلسطينيا وأردنيا وسوريا عمرها أكثر من 75 سنة لتأكيد أنها ملكنا رغم أن العدو يحاول أن يمحو هذا الموروث أو ينتحله وينسبه لنفسه، بالإضافة إلى إصدار مجلة الحنونة”.
المعوقات.. مالية
كجمعية رفضت أي شكل من أشكال التمويل الأجنبي، أو أن تكون تحت خيمة أي جهة، يمكن القول إن التمويل المادي هو الإشكالية الأولى، حيث إننا نعتمد في تمويل وتغطية نفقاتنا على أنشطتنا الذاتية، وعلى مجموعة من المؤمنين بفكرتنا وبشكل شخصي، وانبثق عن ذلك وعلى سبيل المثال عدم قدرتنا على تأمين مقر يناسب كافة أنشطتنا، أو زيادة فعالية الأنشطة الحالية.
حماية الثقافة
تواصل نعمت “الكثير منا يعمل في مجال حماية الثقافة، وهي معركة صعبة وخطيرة في هذه المرحلة خاصة، لكن يجب ألا نستسلم، ولا نقول أدوات العدو أكبر من أدواتنا. لأننا مقصرون، وواجبنا أن نجتمع معا كمؤسسات وجمعيات مؤمنة بأهمية دورها في الحرب الثقافية، وتوحيد صوتنا كي يصبح أقوى وأعلى”.
المصدر : الجزيرة