عادت قيادات من حركتي وفتح وحماس للحديث من جديد عن تفاهمات المصالحة التي جرى التوصل إليها الشهر الماضي، بعد جلسات حوار في مدينة اسطنبول التركية، والتي تخللها الاتفاق على إجراء الانتخابات العامة كمدخل مهم لإنهاء الانقسام.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح روحي فتوح، الذي شارك في تلك الحوارات التي جرت مؤخرا لإنجاز المصالحة، إن اللجنة المركزية للحركة وافقت بالإجماع على التفاهمات التي جرى التوافق عليها في اسطنبول، وقال: “ما زلنا ننتظر موافقة المكتب السياسي لحماس، وأن تخاطب الرئيس محمود عباس لإصدار مراسيم من قبل سيادته بإجراء الانتخابات”.
وأشار فتوح خلال مقابلة مع تلفزيون فلسطين، إلى إنه حتى الآن ما زال هناك أمل بأن يتم إنجاز ما تم التوافق عليه مع حركة حماس في اسطنبول، لافتا إلى أن جميع الفصائل باركت هذه التفاهمات.
وقال: “الجميع وافق على أن يشارك في الانتخابات التشريعية، ومن لا يوافق لا يضع عراقيل، في حين يشارك الجميع في الانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني”، وأضاف: “نحن ننتظر الجواب الرسمي من حركة حماس”.
وكانت حركة حماس أعلنت أن قيادتها ناقشت تلك التفاهمات التي جاءت عقب جلسات حوار عقدت في مقر القنصلية الفلسطينية في اسطنبول الشهر الماضي، وقالت إنها وافقت على تلك التفاهمات، لكن وفق حديث القيادي في فتح روحي فتوح، يبدو أن حركة حماس لم تبلغ الرئاسة الفلسطينية بموقفها.
وقد تم التوافق في اسطنبول عقب لقاءات بدأت يوم 22 من الشهر الماضي، بين فتح وحماس على إجراء الانتخابات الفلسطينية متتابعة، مجلس تشريعي، تليها الانتخابات الرئاسية، ثم انتخابات المجلس الوطني، على أساس التمثيل النسبي، ووفق تدرج مترابط لا يتجاوز 6 أشهر، وذلك من أجل بناء النظام السياسي وتحقيق الشراكة السياسية.
إلى ذلك فقد أوضح فتوح أن الانتخابات تبدأ بالمجلس التشريعي، ثم الانتخابات الرئاسية، ثم انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني خلال ستة أشهر، معيدا التأكيد على أن حركة فتح تنتظر “جوابا صريحا من الأخوة في حركة حماس”.
وأضاف: “الحوار الجدي والعميق الذي جرى في اسطنبول في القنصلية الفلسطينية، تم خلاله التوافق على تفاصيل الانتخابات، وأن الأخ صالح العاروري قدم ورقة مكتوبة من ست نقاط تتمثل في التمثيل النسبي الكامل والشراكة الكاملة وتجرى بالترابط والتوالي، وتعتبر الجولة الأولى للانتخابات للمجلس التشريعي هي ذاتها المرحلة الأولى في المجلس الوطني، وأعضاؤه هم أعضاء في المجلس الوطني، ويتم استكمال مراحل الانتخابات بانتخابات رئاسية، ثم انتخابات المجلس الوطني في الأماكن التي نستطيع أن نجري فيها انتخابات”.
وأكد أن حركة فتح تريد اليوم أن تعالج الانقسام الموجود داخل الأرض الفلسطينية، وقال: “نحن قفزنا عن كل هذه القضايا والاتفاقيات وذهبنا للعلاج المباشر لمعالجة الانقسام من خلال انتخابات المجلس التشريعي”، لافتا إلى أن الانتخابات هي المرحلة الأولى للمصالحة الوطنية، مضيفا: “ليس لدينا ترف في الوقت، نحن بحاجة للانتخابات والكرة في ملعب حماس لتلبية ما تم الاتفاق عليه، والأمل ما زال قائما والحوار لم ينقطع”.
وأشار إلى أن أي قضايا عالقة سيجري حلها بعد الانتخابات في حال إجرائها، وأضاف: “نحن في فتح عملنا واجبنا بالاتجاه الصحيح فيما جرى الاتفاق عليه باجتماع الفصائل، وذهبنا للأخوة المصريين، وذهبنا لدمشق، ووضعنا الجميع في الصورة فيما يتعلق بمخرجات الأمناء العامين”.
وفيما يتعلق بتأخير الموافقة، قال فتوح: “إن فكرة المصالحة لم تنضج عند البعض خاصة في غزة، وممكن أن يكون هناك متضرر من المصالحة وسيفقد الكثير إذا تحققت، ولدينا تحليل ربما يعيق البعض عملية المصالحة لمصالح شخصية”، مشيرا إلى أن التأخير “ليس في مصلحة أحد”، وأكد أن “قطار الحوار الوطني والتوافق يشكل حائط صد أمام كل محاولات إنهاء القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن ومن خلال كل محاولات استهداف أرضنا”.
وأكد أنه يجب تفويت الفرصة على كل القوى المعادية التي تلعب على الانقسام الفلسطيني، وأضاف: “هذا يتطلب من الجميع الفلسطيني أن يسير ضمن خارطة الطريق الفلسطينية لإنهاء الانقسام، ولن نربط مصيرنا لا بانتخابات أمريكية ولا بغيرها”، وتابع فتوح: “نحن نربط مصير شعبنا بإنهاء الانقسام، ولن نقبل أي تدخلات إقليمية في فتح، ونحن مع القرار الوطني المستقل الذي دفعنا ثمنه كثيرا”.
وكات النائب في المجلس التشريعي (المنحل) عن حركة حماس ياسر منصور، أكد على أهمية الاستمرار بنهج المصالحة وتحقيق الشراكة الوطنية وترجمتها على أرض الواقع، وشدد على أهمية رفض الضغوطات والمضي في إنهاء الانقسام، مطالبا بضرورة وجود ترجمة عملية على الأرض، وتحديد مرسوم للانتخابات لـ”تأكيد عدم الرضوخ للضغوطات ووضع العالم أمام أمر واقع أن هناك شراكة ومصالحة فلسطينية وخطوات إعادة ثقة”.
وأشار في تصريح صحافي، إلى أن الانتخابات “تعطي مؤشراً بوجود توافق وإجماع على مواجهة الضغوطات ومقدمة لإنهاء الانقسام من خلال برنامج سياسي وحكومة موحدة وقيادة مشتركة”، ووجه رسالة إلى حركة فتح دعاها بألا ترضخ لأي ضغوطات قد تمارس عليهم “بعد الخطوات الإيجابية التي قاموا بها تجاه المصالحة والشراكة الحقيقية”.
وقال: “لا شك أن هناك جهات إقليمية وعربية تحاول إفشال المصالحة، وللأسف توجد مساعٍ لتعطيلها من خلال الضغط على السلطة”، وتابع: “الولايات المتحدة والاحتلال يحاولان شق الصف الفلسطيني، ويمارسان الضغط الاقتصادي والسياسي على السلطة ونزع صلاحيات لمنعها من الاقتراب من حماس”، مشيرا إلى أن الرهان يجب أن يكون على الشعب الفلسطيني فقط، وقال: “إن المصالحة ستتحقق إذا تجاوزنا المخاطر مجتمعين”.
جدير ذكره أن صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أكد قبل أيام أن الشراكة الوطنية “هي الرد على مشروع صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية”، وقال “إن دولاً عربية اتصلت على حركة فتح يحملون رسائل أمريكية ضد مسار الوحدة الوطنية”، ووجه رسالة لحركة فتح: قال فيها: “الأطراف التي تضغط عليكم من أجل التراجع عن الشراكة الوطنية هي الدول التي رعت صفقة القرن، وهي دول لا تعمل لصالح شعبنا الفلسطيني”، وأكد أن حركة حماس تعتبر الذهاب للانتخابات بتوافق وطني شامل هو الأنسب، مشددا على أن حماس تريد انتخابات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية كي تحصن الموقف الفلسطيني.
نقلا عن القدس العربي