ترجمة: علاء الدين أبو زينة
مرة أخرى، أثار الانتقاد الذي وجهه 51 من دبلوماسيي المستوى المتوسط في وزارة الخارجية الأميركة لنهج إدارة أوباما تجاه الحرب في سورية، مسألة ما إذا كانت الضربات العسكرية المحدودة التي توجهها الولايات المتحدة ضد حكومة الأسد، يمكن أن تساعد في دفع النظام إلى إبرام اتفاق سلام.
قتلت الحرب المتصاعدة في سورية نحو 400.000 سوري، معظمهم على يد قوات الأسد، وشردت 12 مليوناً آخرين. وانهارت الجهود المبذولة للحفاظ على وقف لإطلاق النار بين الأطراف العديدة المشاركة في القتال -قوات الأسد، وحليفيها روسيا وإيران، ومختلف جماعات المعارضة المناهضة للأسد -في حين يشكل “داعش” الذي أنشأ لنفسه معقلاً في سورية تهديداً للمنطقة والعالم.
كل هذا يسبب إحباطاً عميقاً للعديد من الدبلوماسيين الأميركيين. لكن وصف الأزمة ليس هو نفس امتلاك استراتيجية بديلة عقلانية وقابلة للتطبيق. ولم يقدم الدبلوماسيون حجة مقنعة للقيام بعمل عسكري أميركي مباشر، والتي لم يكن الرئيس أوباما وكبار مساعديه درسوها مسبقاً ورفضوها بحكمة. وتعتقد الإدارة أن مثل هذا العمل يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الفوضى فحسب، في حين يُلزم الولايات المتحدة بلعب دور أكبر في حرب أخرى في الشرق الأوسط.
جوهر القضية التي يطرحها الدبلوماسيون، كما وردت في مذكرة داخلية، هو أنه لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق سلام إذا لم يجد نظام الأسد نفسه في مواجهة تهديد باستخدام القوة العسكرية. وكان الدبلوماسيون حريصين على الدعوة فقط إلى استخدام أسلحة مثل صواريخ كروز التي يمكن أن تبقي الأميركيين خارج نطاق الانتقام السوري. كما رفضوا أيضاً فكرة القيام بغزو أميركي واسع النطاق.
ولكن ماذا لو أن الغارات الجوية “المحدودة” لم تعمل؟ ومهما كانت العملية محسوبة بدقة، ألن تقوم حتماً بجر أميركا إلى مستنقع آخر في الشرق الأوسط، وربما الاحتمال الكبير لحدوث مواجهة عسكرية مع روسيا؟ إن موسكو تلعب لعبة مزدوجة في سورية من خلال تقديم الدعم الخطابي للجهود الدبلوماسية، في حين توجِّه الضربات الجوية التي سمحت للأسد باستعادة اليد العليا في ساحة المعركة.
كما يمكن أن تكون إقامة منطقة حظر للطيران، والتي يمكن أن توفر ملاذا آمناً للمدنيين من القوة الجوية السورية والروسية، مسألة إشكالية أيضاً. ويُظهر بحث أجراه ميكا زينكو من مجلس العلاقات الخارجية أن الغارات الجوية مسؤولة عن جزء فقط من الوفيات؛ في حين نجمت معظمها عن حوادث إطلاق نار وقذائف الهاون والمدفعية والهجمات الصاروخية. ويجب أن تكون منطقة حظر طيران قادرة على توفير الحماية حقاً كبيرة جداً، وتمتد إلى مناطق حيث سيكون هناك خطر كبير لوقوع مواجهة بين الطائرات الأميركية والطائرات الروسية والسورية.
وهناك أيضا مسألة الأساس القانوني للتدخل الأميركي. لا يمتلك السيد أوباما قراراً من مجلس الأمن الدولي أو تفويضاً من الكونغرس لتبرير العمل العسكري ضد حكومة الأسد. ويشير بعض المحامين، مثل هارولد كوه من جامعة ييل والمحامي السابق في وزارة الخارجية، إلى أن هناك قضية ينبغي أن تقام من أجل التدخل الإنساني، ولكن مسؤولي الإدارة يقولون إنهم لا يرون أساساً لذلك في القانون الدولي.
تبقى روسيا ذات أهمية حاسمة لأي جهود من أجل السلام. وكان دعم موسكو، إلى جانب دعم إيران، سمحا للسيد الأسد بتثبيت قدميه ومقاومة التسوية. وما يزال بعض مسؤولي الإدارة يأملون بأن يتمكنوا من إقناع الرئيس فلاديمير بوتن بأن لديه الكثير ليخسره إذا ما استمر في دعم السيد الأسد، وليس أقله زيادة استعداء الدول المسلمة السنية مثل العربية السعودة، وإجبار موسكو على الالتزام بعدد أكبر من الجنود والأسلحة للدفاع عن الأسد. وسوف يؤدي انهيار كامل لوقف إطلاق النار، يعقبه زيادة دعم السعوديين والآخرين لوكلائهم على الأرض، إلى المخاطرة بقدر أكبر من سفك الدماء.
لم تكن هناك أي خيارات جيدة في سورية في أي من الأوقات، والوضع يزداد سوءاً فحسب. لكن أحداً لم يطرح بعد حجة مقنعة بأن أي تدخل عسكري أميركي مباشر ضد الأسد سيكون هو الجواب.
مركز الشرق العربي