نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا لرئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ريتشارد هاس، علق فيه على مذكرة الدبلوماسيين الأمريكيين، التي قدمت لوزير الخارجية جون كيري عبر قناة المعارضة، وطالبوا فيها الرئيس باراك أوباما بتغيير سياسته تجاه رئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أنها جاءت متأخرة.
ويقول هاس: “بعد خمسة أعوام على الحرب الأهلية، و400 ألف قتيل، وتشريد أكثر من 10 ملايين شخص، كتب عشرات من الدبلوماسيين الأمريكيين مذكرة لرؤسائهم، قالوا فيها إن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا فاشلة، وإن هناك حاجة للتغيير”.
ويشير التقرير إلى أن المذكرة أرسلت من خلال قناة التواصل بين الدبلوماسيين من المستوى المتوسط والمسؤولين البارزين، التي أنشئت أثناء الحرب الفيتنامية؛ لحماية الأصوات الرافضة داخل المؤسسة الحاكمة من أفعال انتقامية، لافتا إلى أنها تظل قناة خاصة يتواصل فيها المسؤولون فيما بينهم، مع أن المراسلات تخرج أحيانا للعلن.
ويقول الكاتب: “المفاجأة الوحيدة هي أن المذكرة الداخلية حول سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا لم تظهر مبكرا، وكانت هناك فجوة كبيرة بين الأهداف التي عبرت عنها الولايات المتحدة وما استعدت لتحقيقه”.
وتلفت الصحيفة إلى دعوات الإدارة المبكرة لرحيل النظام، مع أنها لم تتحرك للإطاحة به والتعجيل برحيله، كما حذرت الإدارة الأسد من استخدام أسلحته الكيماوية، إلا أنه لم يدفع الثمن عندما تحدى الإنذار الأمريكي أو “الخط الأحمر”.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، بأن الولايات المتحدة فشلت في الوقت ذاته في بناء قوة سنية محلية؛ نظرا لتناقض الأهداف، حيث إن المعارضة تريد التركيز على الأسد، أما الهدف الأمريكي الرئيسي فهو العمل على إضعاف تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن هذا زاد من الأزمة الإنسانية سوءا، وأدى إلى تصعيد إيران وروسيا من جهودهما لدعم الأسد، ولم تنجز المحادثات الدبلوماسية إلا القليل.
ويجد هاس أن “الفكرة من دعوات الموقعين على المذكرة هي توجيه ضربات بصواريخ كروز على أهداف النظام الثمينة، التي يستخدمها لضرب المدنيين، حيث إن المعارضة ستحظى بالدعم، وينضم إليها جنود جدد من خلال الضغط على النظام، ويتغير بالتالي الميزان العسكري، الذي سيتحول إلى تسوية سياسية مرضية لطرفي النزاع، وقد تزيد الولايات المتحدة من دعمها لجماعات مختارة من المعارضة السنية، وترسل مزيدا من القوات الخاصة”.
وتذكر الصحيفة أن الموقعين على المذكرة يأملون بأن يدفع النهج الأمريكي الجديد الروس لإعادة النظر بموقفهم من النظام السوري، لافتة إلى أن وجود غارات جوية ضد النظام، بالإضافة إلى دعم المعارضة، قد يؤديان إلى توفر مناطق آمنة، يعود إليها السكان المدنيون.
وينوه التقرير إلى المخاطر التي قد تنشأ عن تدخل أمريكي، فقد يقرر الروس والإيرانيون تقويض أي فعل عسكري أمريكي، عبر زيادة جهود دعم النظام، مشيرا إلى أن التدخل قد يجبر الولايات المتحدة على تصعيد العمل العسكري.
ويرى الكاتب أن “هناك احتمال حدوث مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، أو سقوط الأسد قبل ظهور بديل حقيقي له، ما سيدخل سوريا في فوضى أكبر من تلك التي تعيشها، ويفتح المجال أمام استغلال تنظيم الدولة للوضع”.
وتعلق الصحيفة قائلة: “لهذه الأسباب كلها، فإن رسالة الرافضين داخل الإدارة لن تترك أثرا كبيرا على إدارة أوباما، التي تشكل السياسة الخارجية من البيت الأبيض، وليس من وزارة الخارجية”.
ويشير التقرير إلى أن المذكرة ظهرت في الأيام الأخيرة لأوباما، حيث لم يتبق له سوى سبعة أشهر، لافتا إلى أنه لا يظهر ميلا لتغيير مسار السياسة التي تبناها تجاه سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011، بل إنه لا يزال ملتزما بتخفيض المشاركة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ويخلص هاس إلى أن “أهم ما في مذكرة الـ 51 دبلوماسيا، أنهم تحدوا وقالوا الحقيقة، وحتى لو رفضت دعواتهم الآن، فقد يرحب بها الساكن القادم للبيت الأبيض، خاصة أن كانت هيلاري كلينتون أظهرت عندما كانت وزيرة للخارجية استعدادا لاستخدام القوة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية”.
مركز الشرق العربي