وأضاف أن الخلاف العلني بين الرئيس الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أثرى رجل في سوريا، أدى لجذب الاهتمام العربي والسوري. وخلال عقدين على حكمه شكل الرجلان مع شقيق الأسد الأصغر ترويكا للحكم. واليوم باتت مسلسلات رمضان الدرامية منافسة ولكن في الحياة الحقيقية- التايكون ضد الطاغية.
وتحكم عائلة الأسد سوريا منذ نصف قرن وبعيدا عن حادثة صغيرة عام 1984 عندما مرض حافظ الأسد وحاول شقيقه رفعت الانقلاب عليه، ظلت العائلة تتحفظ على أسرارها ولا تخرج خلافاتها للعلن. ومن هنا قد يكون مخلوف شجاعا أو يائسا عندما قرر إخراج الخلاف للعلن. وقام وهو الرجل الذي راكم ثروة طائلة بنشر ثلاثة أشرطة فيديو من خلال صفحته على “فيسبوك” اشتكى فيها أن نظام الأسد يحاول مصادرة مملكته التجارية والتي يقول إنها خدمت النظام طوال فترة الحرب الأهلية التي كانت تطيح به.
والخلاف الظاهري يقوم على مطلب من شركة سيرياتل وشركة أم تي أن الشركة الأخرى للهواتف النقالة بدفع مئات ملايين الدولارات إلى الحكومة التي تعاني من نقص في المال. وتقول الحكومة إن هذه ضرائب متأخرة وأجور غير مدفوعة مقابل رخصة العمل. وتم اعتقال عدد من مدراء شركة سيرياتل. وانتعش مخلوف الذي كانت خالته متزوجة من حافظ الأسد وبرز في ظل رأسمالية المحسوبية التي رعاها بشار تحت ذريعة لبرلة الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة. وبعيدا عن شركة سيرياتل فقد كان لمخلوف مواقع في البناء والهندسة والنفط والغاز.
وفرضت الولايات المتحدة عام 2008 عقوبات على مخلوف وتبعها الاتحاد الأوروبي أثناء الحرب حيث اتهم رجل الأعمال باستفزاز رجال الأعمال المنافسين له عبر أجهزة الاستخبارات ومساعدة النظام أثناء الحرب ولعب دور “خزينة المال” لها. وفي مقابلة سيئة السمعة مع الصحافي الأمريكي أنطوني شديد، مراسل “نيويورك تايمز”، جرت عندما قام الأخوان الأسد بتوجيه بنادقهم نحو المتظاهرين العزل، أعلن مخلوف أن هذه هي معركة حتى الموت. ولكنه اليوم قال في واحد من أشرطته: “أريد توجيه رسالتي للرئيس، بدأت أجهزة الأمن بالتعدي على حرية الشعب، وهذا هو شعبك، هذا هو شعبك”، ويعلق غاردنر أن مخلوف لا يتحدث عن مفارقة ساخرة، لكن كيفية وصوله إلى هذا المكان أمر صعب تتبعه في نظام غامض جدا.
فبعيدا عن المواجهة بين حافظ ورفعت حدثت الكثير من المشاجرات الجدية داخل النظام ولكن بدون توضيح وبنظريات مؤامرة كثيرة حول ما حدث في الحقيقة.
ففي عام 2005 أعلن عن انتحار غازي كنعان، وزير الداخلية والمسؤول عن احتلال لبنان لمدة 29 عاما. وكان على ما يبدو معارضا لاغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري والذي اتهمت دمشق بتدبيره.
ومات خليفته في لبنان رستم غزالة عام 2015 حيث حمل معه أسراره إلى القبر. ولم يبق أي شخص له علاقة بمقتل الحريري على قيد الحياة. وكان ينظر إلى كنعان كمنافس للأسد، وكذا مدير الاستخبارات العسكرية السابق وصهر الأسد، آصف شوكت، وزعم أن المخابرات التركية والفرنسية كانت تحضره كبديل عن الأسد عندما قتل في تفجير مجلس الأمن القومي الذي قتل فيه وزير الدفاع وجنرال آخر عام 2012. وزعمت المعارضة أنها هي التي نفذت العملية بعدما هاجمت وسط العاصمة دمشق، مع أن معظم مراقبي الشأن السوري يعتقدون أن العملية تمت من داخل النظام، مع أن تفجير كامل مجلس الأمن القومي لقتل شخص تبدو غريبة.
وفي ظل السوابق هذه، فأشرطة فيديو مخلوف قد تكون محاولة لتأمين نفسه ضد مصير كهذا. ولكن من الصعب النظر إليه كمنافس حقيقي للأسد، فجمعيته “البستان” التي تقوم بالعمل الخيري وتدعم 30.000 مسلح في مليشيا غرست جذورها في منطقة الساحل الشمالي- الغربي التي تعيش فيها الطائفة العلوية، ربما بدت كجيش خاص دربته إيران ولديه المال الذي ينافس ميزانية الدول التي تعاني من ضيق. لكن المليشيا التي شكلها تم استيعابها في الفرقة المدرعة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، أما جمعية “البستان” فتم تهميشها عبر جمعيات أخرى أكبر منها تديرها الطامحة أسماء، زوجة الرئيس. ومن هنا فالتفسير لكل ما حدث هو أن ثروة مخلوف أصبحت هدفا في ظل تراجع القتال في سوريا.
وفي أيلول/سبتمبر طلب النظام من رجال أعمال المساعدة في إنقاذ الاقتصاد وضخه بالدولارات. ووافق رجال الأعمال الجدد الذي انتفعوا من الحرب الأهلية، لكن مخلوف وحسب سياسي عربي مطلع رفض. كما رفض أيضا خططا لفتح شركة هواتف نقالة ثالثة والتي قيل لها إنها ستسهم في خدمة ثلث عملاء سيرياتل، ويبدو أنه سيخسر كل شيء، والميلودراما السورية مستمرة.