على الأطراف الجنوبية لقرية “الكفرة” في ريف حلب الشمالي، تناثرت بضع خيام تختبئ بين أغطيتها وخلف أوتادها قصصاً كتبتها الحروب ودروب التشرد، يحتضن غياث ابنته ذات العشرة أشهر، ويتلمس حرارتها خوفاً أن يصيبها ما أصابه.
قصّة المرض والنزوح
يقول “أبو أحمد” والد غياث, كان طفلاً في اسبوعه الأول، وبخطأ طبي في استخدام الدواء، تعرض لاختلاج أفقده والسمع، زرنا مركزًا طبيًا في حلب، وبخطأ آخر بتأجيل استخدام السماعات لبعد الخامسة من عمره، فقد النطق أيضاً، لكنه صاحب عزيمة كبيرة، تعلم في البيت مبادئ القراءة والحساب، يستطيع قراءة القرآن ومتقن للكثير من العمليات الحسابية، نظراً للعمل الذي اختاره.
وبقذيفة من قوات النظام، التي كانت متمركزة في “معسكر وادي الضيف” القريب منا، فقد أخوه أحمد واخته آمنة السمع أيضاً، كان الصوت قوي جداً ما أدى لتمزق في طبلة الأذن ،ناشدت منظمات إنسانية، أخذوا الكشوف الطبية والتقارير، وانتظرنا، ونزحنا وما زلنا ننتظر.
المخيّم ولجان الإغاثة والناس حولنا:
يكمل قوله، غادرنا قرية معرشورين، بعد الحملة الشرسة التي احتل فيها النظام أراضينا وبيوتنا، من خان شيخون حتى سراقب، لم نجد سبيلًا سوى ريف حلب الشمالي، علنا نجد عملاً يستر حالنا، بعد أستقرارنا في الخيام، حاولت التواصل مع منظمات تعنى بهذه الحالات، طلبوا تقارير و ومخططات وكشوف طبية أيضًا وننتظر منذ سنتين أو ثلاث.
العمل :
كان غياث يعمل في مخرطة قبل النزوح، ولم بجد ذات العمل هنا، اضطر للعمل في ورشة صغيرة لتصنيع الجلايات، مردود لا يذكر، ما يقارب ثلاثين ليرة في اليوم، لديه عائلة ويجب أن يعيش، يساعده أخوه أحمد الذي ينطق ولكن أيضا بسمع خفيف جداً، بالسؤال عن عمل والحديث مع أصحاب العمل ومازالا يعملان سوياً لا يفترقان.
من خلال عمله في المخارط ومجال الصناعة تعلم القياس والحساب ومبادئ الكتابة، فيقيس الأطوال والمساحات، ولكن يحتاج مساحة تتفهم مطالبه أن يسمع الكلمات الأولى من طفلته، التي انتظرها طويلاً، ولا مجيب، المسؤول في المخيم يحاول دائمًا مساعدته ولكن لم نتلق أي إجابة من المنظمات.
لم يختلف الوضع في خيمة “أبو محمود” المسؤول عن التنسيق في المخيم، فخيام متهالكة وانتظار باد في الوجوه ولكنه قال, حاولت مع كل المنظمات التي زارتنا في المخيم، ووعودني ولكن “ع الوعد يا كمون” كما يقال، يطلبون رؤية أهله وبياناتهم والتقارير الطبية ولم يعد أحدٌ منهم.
أملٌ في الدموع والأماني
يحمل غياث طفلته بكلتا يديه، يشير إليها بعينيه، تبتسم يحاول أن يقول لها يقول لها كما الآباء “أحبك يا ابنتي، فتدمع والدته لتعود الفرحة إلى الوجوه عندما تكاغي أماني “غاغا”.
مآس إنسانية كبيرة تشهدها المخيمات، وضخمتها الحروب، دون المآسي التي نعرفها من فقر وحرمان وفقدان خصوصية، مآس تلتصق بالوجدان والضمير العالمي، الذي ترك السوريين يواجهون عصابة بمفردهم على هيئة دولة أو دول.