حملات القصف الهمجية واشتدادها على مناطق مأهولة بالسكان أسفرت عن قتل ونزوح عدد كبير من الأهالي، وطالما كانت منازل الأطفال والشيوخ والنساء هدفاً رئيسياً لطائرات النظام وحلفائه، ما أجبر عشرات الآلاف من سكان البلدات والقرى على الهروب من موت محقق إلى أماكن أكثر أمنا بعيداً عن نيران الصواريخ والقنابل، ليجدوا أمامهم وضعاً أصعب بإيجاد منازل تأويهم وارتفاع إيجاراتها، الأمر الذي أثقل كاهل المهجرين والباحثين عن مأوى لهم ولعائلاتهم بعدما أصبحتم منازلهم خاوية على عروشها.
يتحدث أبو وسيم النازح من مدينة خان شيخون عن الظروف المأساوية.. بعد تهجيره من بيته اتجه إلى سرمدا لعلّه يجد منزلاً يسكنه مع عائلته فيقول “أجارات البيوت مو معقولة وأصحابا عم يستغلونا بشكل مو طبيعي” ما دفعه إلى السكن في الخيمة التي يعتبرها كالفرن في الصيف وكالبحيرة تغرقها الأمطار في الشتاء بسبب غلاء الإيجارات التي تفوق قدرته فهي تتراوح ما بين 100 و300 دولاراً شهرياً .
تقول أم صالح المهجرة من درعا إلى مخيمات الشمال “ماعنا قدرة ندفع أجار بيت وخاصة انو المبالغ الي عم يطلبوها خيالية بنينا غرفة وسقفناها بعوازل ” معتبرة ازدياد الوافدين وارتفاع أسعار مواد البناء أدى إلى ارتفاع قيمة الإيجارات في مناطق الشمال السوري، معتبرة أن المالك يضع أسعاراً كبيرة وشروط تعجيزية كدفع إيجار مقدم عن ستة أشهر أو سنة، ما دفع الكثير من المهجرين بالمكوث في المخيمات أو بناء منازل عشوائية غير صالحة لإيواء عوائلهم في ظل استغلالهم من قبل المالكين.
وحسب ما تحدثت به عبير الخالد المهجرة من مدينة حلفايا في ريف حماة وتعيش في مدينة الدانا أن أجار بيتها 150 دولار شهرياً بعد أن 100 دولار شهرياً وهو منزل عادي يتميز بأرضية خشنة تسري بها المياه في الشتاء عند هطول الأمطار التي تتسرب من جدران المنزل تقول عبير “بيتنا استأجرناه ب100 دولار بعد سنة اجا صاحب البيت ورفع الأجر وصرنا ندفع 150 دولار”
وفي حال لم تتم الموافقة فعليهم ترك المنزل وتأجيره إلى أناس أخرين، مما يضطرهم للقبول بشروطهم ، وفي حال عدم القدرة على دفع المبلغ المطلوب يضطر الناس للتوجه إلى المخيمات .
وحسب ما قاله أبو محمد المهجر من بلدة الهبيط إلى مخيمات دير حسان بأن ظاهرة ارتفاع الإيجارات ترافقت مع ازدياد موجات النزوح باتجاه الحدود الشمالية، ومما يزيد الأمور تعقيداً ويثقل كاهل النازحين استغلال أصحاب المكاتب العقارية وأخذهم مبالغ كبيرة مسبقة، الأمر الذي اضطره إلى بيع سيارته وبناء منزل صغير له ولعائلته كي لا يبقى تحت رحمة مالكي البيوت واستغلالهم وشروط المكاتب العقارية الجائرة والظالمة “كان عندي سيارة بعتا وبنيت بيت صغير لأن المكاتب العقارية واصحاب البيوت عم يطلبوا طلبات تعجيزية “.
هذه المعاناة مستمرة وحلولها واضحة وتحتاج إلى مساندة الناس لبعضهم البعض والشعور بوضعهم ولو أن المالكين أسكنوا المهجرين بدون مقابل أو مقابل مبالغ مالية معقولة لحُلّت المشكلة وخفت وطأة المأساة.
في حين لا يمكن التعميم في هذا الموضوع حيث أن هناك آلاف العائلات فتحت بيوتها أمام المهجرين وقدمت لهم الطعام واللباس كمحاولة للتخفيف عنهم في ظل ظروف الحرب وويلاتها التي عاشها جميع السوريين.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع