“من الطبيعي أن يهاجم أهل السلطة القاضي بيطار، فهو لم يكن يوماً من أتباع أحد منهم ولا يستمع لطلباتهم، وطالما أن الفريقين يهاجمانه على أدائه في قضية المرفأ، فهذا يؤكد أنه يسلك الطريق الصحيح، في كشف الحقيقة…”
نحو عام كامل مرّ على انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، وهو عام يسجّل انتصار الحصانات النيابية والوزارية وغيرها، على حساب معاقبة المتورّطين في جريمة مقتل 200 شخص وتدمير أجزاء كبيرة من المدينة. فالتحقيقات لم تؤدِّ حتى الآن إلا إلى المزيد من المراوغة والمواربة، ومحاولة تمييع الحقيقة وتغيير القضاة وعرقلة عملهم وتوجيه اتهامات إليهم كلما استدعوا مسؤولين سياسيين للتحقيق معهم حول الجريمة. إنه مسار طويل من محاولات تأجيل العدالة.
طارق بيطار لم يكن اسماً معروفاً قبل 19 شباط/ فبراير 2021، يوم عيّنه مجلس القضاء الأعلى محققاً عدلياً في جريمة 4 أب، خلفاً للقاضي فادي صوان. وقد ارتبط اسمه بحيثيات التحقيق ومحاولات الطبقة السياسية إنقاذ رجالها من التحقيق والمحاسبة. فمن هو طارق بيطار الذي جمع أضداد السلطة ورموزها لمواجهة قراراته؟
أحد أقرباء بيطار عبّر عن خوف العائلة عليه، بعد استلامه قضية المرفأ، والبعض كان يتمنى لو لم يقبل بها.
طارق فايز بيطار ابن بلدة عيدمون العكارية، مواليد عام 1974، تلميذ مدرسة الفرير في طرابلس، عاش في عاصمة الشمال منذ صغره، ثم درس الحقوق في الجامعة اللبنانية. عام 1999 دخل معهد الدروس القضائية وتخرج قاضياً وعين قاضياً جزائياً، ثم مدعياً عاماً في الشمال، وعام 2017 عين رئيساً لمحكمة الجنايات في بيروت.
يقول نائب رئيس بلدية عيدمون السابق شفيق حداد لـ”درج”، “القاضي بيطار إبن عائلة عادية جداً، كان والده مغترباً، ثم عاد وفتح متجراً في طرابلس، وعلم أولاده الخمسة منه”.
وأضاف، “كان أخوه عمر رئيساً لبلدية عيدمون من عام 2004 إلى 2010، إلا أن القاضي بيطار لم يتدخل في السياسة ولا في مشكلات البلدة، أو في الانتخابات. نشأ في منزل علماني غير طائفي، ولم يكن يوماً حزبياً أو قريباً من جهة سياسية”.
أما عن وضعه الاجتماعي حالياً فيقول حداد، “إنه لا يملك منزلاً في البلدة، يأتي مع زوجته وأولاده إلى منزل أبيه القديم والمتواضع جداً”.
نائب رئيس البلدية السابق يؤكد أن بيطار لا يملك شققاً ولا سيارات فخمة، ولا يشبه القضاة أو أياً من المسؤولين الذين اغتنوا من المال العام، كان زفافه بسيطاً، علماً أنه تزوج من سيدة من بلدة القبيات المجاورة، وأقام حفلاً صغيراً في ساحة الكنيسة. ولم يكن يملك مواكبة قبل تعيينه محققاً في جريمة المرفأ. يزور القرية بخفر ومن دون ضجيج.
يصف أبناء عيدمون ابن بلدتهم بأنه خجول ويقول حداد إن الأهالي على اختلافهم يحبونه، وهم فرحوا عندما أصبح محققاً عدلياً.
أحد أقرباء بيطار عبّر عن خوف العائلة عليه، بعد استلامه قضية المرفأ، والبعض كان يتمنى لو لم يقبل بها.
نقلا عن وكالة درج